غير مصنف

صاحب كتاب الضوء اللامع

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الكثير والكثير عن أهل العلم والعلماء والأدباء والشعراء، وأئمة الإسلام والمسلمين، والذي كان من بينهم الإمام السخاوي وهو صاحب كتاب الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع، وقيل أنه كانت من عادة الإمام السخاوي أنه كلما حفظ كتابا عرضه على شيوخ عصره لكن لم يأخذ عنهم ومنهم المحب بن نصر الله البغدادي الحنبلي، والشمس بن عمار المالكي، والشيخ النور التلواني وذلك نسبة لتلوانة، والجمال عبد الله الزيتوني وذلك نسبة لمنية الزيتون، والشيخ الزين عُبادة، ومعه الشمس البساطي، وجده، وبعدها حفظ ألفية العراقي وكتاب شرح النخبة وغالب كتاب الشاطبية وبعض كتاب جامع المختصرات، ومقدمة الساوي في العروض وكتبا أخرى كثيرة لم يكمل حفظها.

وبعد ذلك قرأ بعض القرآن علي الشيخ النور البلبيسي، وذلك نسبة لبلبيس وكان وقتها إمام الأزهر، وقرأ على الشيخ الزين عبد الغني الهيثمي على رواية ابن كثير، وسمع كثيرا من الروايات السبعة والعشرة على الشيخ الزين رضوان العقبي، والشيخ الشهاب السكندري وغيره من مشايخ هذا العصر بل يقول السخاوي إنه سمع الفاتحة وبداية سورة البقرة على شيخه بقراءة ابن أسد وجعفر السنهوري وغيرهما من مشايخ القراءات في هذا العصر، وحفظ القرآن وهو صغير، ثم حج في سنة خمس وثمانين، وجاور سنة ست وسبع وأقام منهما ثلاثة أشهر بالمدينة المنورة، ثم حج سنة اثنين وتسعين وجاور سنة ثلاث وأربع ثم حج سنة ست وتسعين وجاور إلى أثناء سنة ثمان وتوجه إلى المدينة فأقام بها أشهرا وصام رمضان بها.

ثم عاد في شوال إلى مكة وأقام بها مدة ثم رجع إلى المدينة وجاور بها حتى مات سنة اثنتين وتسعمائة يوم الأحد الثامن والعشرين من شهر شعبان ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام مالك، وقد سمع الإمام السخاوي الكثير عن أستاذه وشيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني، وقد لازمه أشد الملازمة وحمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره، وأخذ عنه أكثر تصانيفه وقال عنه هو أمثل جماعتي، ويمثل شمس الدين السخاوي شخصية بارزة تتبوأ مكانة رفيعة في آداب مصر الإسلامية، وفي الآداب العربية بوجه عام، وتمثل وحدها مدرسة فكرية زاهرة، وتمتد عبقريتها الشاملة إلى عدة نواح وفنون مختلفة، وما زال تراثها إلى اليوم يكون مجموعة قوية حافلة في تراث الأدب العربي والتفكير الإسلامي.

كما ملأت شخصيته الحركة الأدبية المصرية زهاء نصف قرن، فالسخاوي إحدى هذه العبقريات الأدبية التي تفتحت بمصر في القرن التاسع الهجري وهو القرن الخامس عشر الميلادي، واختتمت بها مصر الإسلامية حياة أدبية باهرة سطعت مدى قرنين، وقد ذكر الكثير من العلماء ممن تعرضوا لترجمة الحافظ السخاوي العديد من مناقبه، مما يبين علو منزلته ومكانته، فهذا ابن العماد الحنبلي يقول فيه “وانتهى إليه علم الجرح والتعديل، حتى قيل لم يكن بعد الذهبي أحد سلك مسلكه، ومما قاله الشوكاني “ولو لم يكن لصاحب الترجمة من التصانيف إلا الضوء اللامع لكان أعظم دليل على إمامته”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى