القصة والأدب

الدكروري يكتب عن مضرب الأمثال في الحفظ والدقة

الدكروري يكتب عن مضرب الأمثال في الحفظ والدقة

الدكروري يكتب عن مضرب الأمثال في الحفظ والدقة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر الكثير عن الإمام الكوثري وهو محمد زاهد بن حسن الحلمي الكوثري، وقد عُرف الكوثري بصفات أخلاقية قلّ نظيرها، فقد عرف بالزهد والتعفف والصبر وحسن المعاملة وعدم قبول أجر العلم، وحليت تلك الصفات الأخلاقية بصفات علمية سهلت له مأمورية التعليم والتربية فقد كان محيطا بعلوم الشريعة ووسائلها، متمكنا من علوم الآلة وخاصة اللغات العربية والفارسية والتركية والجركسية، إضافة إلى قوة ذاكرة يسّرت له ضبط الأسماء مع حفظها، وبلغ فيها درجة سامية جعلته مضرب الأمثال في الحفظ والدقة، وإن القراءة المتأنية لمجموع ما صنفه الرجل من مؤلفات ومقالات وتعليقات وتحقيقات تدل على تمكنه من علوم العربية أولا والشريعة ثانيا وفنون الحكمة ثالثا واللغات الشرقية رابعا.

 

فقد كان فارسا لا يبارى في تلك المعارف والفنون، ويبيّن التحليل الموضوعي لمجموع مضامين مؤلفاته أننا أمام طود شامخ، أخذ من الأوّلين قوّة الذاكرة وسعة الاطلاع وطول النفس والصبر على التحصيل والتحليل والتحقيق مع جرأة في الحق يغبط عليها، وكتب وصنف في معظم علوم الشريعة والعربية، فمع الفقهاء كان فقيها متضلعا، ومع الأصوليين كان نحريرا يحرر المسائل بدقة متناهية، ومع المتكلمين كان متكلما نظارا، ومع المؤرخين محققا مدققا، أما في الحديث وعلومه فهو فارس مجالاته، وشيخ تخصصاته من غير منازع وحيد عصره وفريد زمانه نسيج وحده كما قال أحد تلاميذه، وتتبيّن تلك الحقيقة بعرض يسير لأسماء الأعلام الذين ناقشهم فقد تتبع أقوال الفقهاء والمتكلمين.

 

والمحدثين والمفسرين والمؤرخين والفلاسفة والمستشرقين، وناقش أقوال المالكية والشافعية والحنابلة فانتصر لهم أحيانا وورفض أقوالهم أحيانا أخرى واضعا نصب عينيه في كل ذلك الانتصار للإمام أبي حنيفة، ووفق ذلك الجهد ناقش أقوال المحدّثين كابن خزيمة والدارمي وابن الصلاح والخطيب البغدادي وابن حزم وابن تيمية وابن القيّم وخلقا كثيرا، وناقش في المفسرين ابن جرير الطبري والزمخشري والرازي، كما ناقش المتكلمين وأتباع الفرق الأخرى فحلل وناقش آراء الأشاعرة وأعلام الشيعة كالنوبختي، وجاوز ذلك إلى رد مفتريات المستشرقين والمتغربين من أبناء أمتنا الإسلامية، وعلم بهذه السعة في التأليف لا يعدم نقادا ومناوئين، ومما قدم له أو كتب فيه كلمة، هو شرح مقامة الحور العين لنشوان الحميري.

 

والروض النضير في شرح المجموع الفقهي الكبير للسياغي الصنعاني، ونثر الدر المكنون في فضائل اليمن الميمون للسيد محمد الأهدل، والدر الفريد الجامع لمتفرقات الأسانيد للسيد عبد الواسع اليماني، وبيان مذهب الباطنية وبطلانه من كتاب قواعد عقائد آل محمد لمحمد بن الحسن الديلمي، وطبقات ابن سعد من الطبعة المصرية، ونصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للحافظ الزيلعي، تقدمته واسعة وجداول التصويب غير وافية، فتحتاج إلى إكمال، وفتح الملهم في شرح صحيح مسلم للعلامة شبير أحمد العثماني، وترتيب مسند الإمام الشافعي للحافظ محمد عابد السندي، وأحكام القرآن جمع البيهقي من نصوص الإمام الشافعي، ومناقب الإمام الشافعي للحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الشافعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى