مقال

عندما يكون إسمك اكبر همومك

جريدة الاضواء

عندما يكون إسمك اكبر همومك
خالد ألسلامي
إمتازت اسماؤنا العربية بجمالها وتسلسلها السلس المعتاد منذ وجد العرب الى اليوم فعندما نسمع اسم فلان فإننا نتوقع انه ابن فلان وابو فلان كان يكون الاسم حسين فهو ابن علي وابو علي او خليل فهو ابن ابراهم وابو اسماعيل واسماعيل هو ابن خليل و ابو حقي وهكذا ومن الطبيعي أن تتكرر هذه الأسماء وتتشابه ربما إلى المستوى الرباعي وأكثر ولكي تُميز بين اصحابها فستحتاج الى اسم الام وتاريخ الولادة وعنوان السكن وصورة قيده من دائرة الاحوال المدنية وغير ذلك من الوثائق التي قد تفرق بينك وبين اشباهك من الاسماء الكثيرون.
وبعد احتلال العراق وما تبعه من فتن طائفية وعمليات إرهابية وكذلك فتن الربيع العربي الاسود الذي عاث في الوطن العربي فساداً ودماراً برزت لنا ظاهرة تَشابُه الأسماء مع المطلوبين أمنيا في العديد من مناطق الوطن العربي وخصوصا في المناطق التي شهدت وتشهد الفتن والحروب الداخلية فصارت هذه المشكلة من أكبر العوائق والهموم امام المواطن العربي في حركته ومعاملاته وحياته اليومية فكلما احتاج لإنجاز معاملة عليه ان يقف امام الحاسبة المختصة ويده على قلبه خوفا من تشابه اسمه مع احد المطلوبين ويا ويله اذا وجد اسمه مشابها لاحد أسماء المطلوبين لأنه سيبدأ رحلة طويلة للبحث عن براءته من خلال سلسلة إجراءات روتينية قاتلة قد تطول لأشهر وربما لسنوات مما يؤخر سفره اذا كان يريد السفر او يعطل الوصول إلى انجاز معاملته التي كان ينوي انجازها او حتى أن يعيش في حالة من القلق المرعب خلال تنقله من مكان إلى آخر خوفا من الحاسبات المنتشرة في كل الحواجز الأمنية في شوارع ومدن بلاده حتى يثبت براءته . والمشكلة الاخرى في تلك الإجراءات ان كل جهة أمنية او قضائية لديها حاسبة خاصة بها تتضمن المطلوبين لديها حسب اختصاصها وعلى المعني ان ينتظر مرور اسمه على كل تلك الجهات وحاسباتها ولك أن تتخيل كم من الوقت تحتاج لإجتياز كل تلك الجهات وقد يستخدم البعض القليل ممن قد يكون له موقف منك هذه الحالة لإعاقة سير عملية البراءة تلك . ومن المواقف الغريبة التي عشتها شخصيا ان يكون المطلوب على سبيل المثال هو (مطر سحاب غيث الفلاني) وأنت إسمك (غيث مطر سحاب علاوي) ولقبك الفلاني يختلف عن لقبه قد تحتاج إلى عدة مخاطبات لتثبت انك (غيث مطر) ولست (مطر سحاب) رغم اختلاف إسمك وابيك وجدك ولقبك عن الآخر من حيث تسلسلها .
مررت بحالتين كهذه أُولاها كانت لنقل بطاقة السكن عام ٢٠١٥ فوجدت اسمي مطلوب ثلاثي والمطلوب كان شرطيا وانا كنت موظفا مدنيا وقدمت للرجل المسؤول عن الموضوع هويتي الوظيفية ولكن أصر على اجراء عملية تبرئة عبر القضاء واستمر الامر عدة شهور لإنجاز تلك المعاملة والحصول على البراءة وإكمال تلك المعاملة. والثانية بعد التقاعد حاولت تجديد جواز السفر واذا بنفس المشكلة تواجهني وبالعديد من القضايا وفي مختلف مناطق البلاد وبدأت بتلك الرحلة مرة أخرى وبعد حوالي تسعة أشهر حصلت على البراءة المنتظرة و الحمد لله.
ان مشكلة تشابه الأسماء صارت معضلة كبيرة من معضلات المواطن العربي وغير العربي ممن يتآخى مع العرب في الوطن العربي تتطلب مناقشة جدية لإيجاد حل مناسب لها كان تكون معلومات المطلوب متكاملة عائليا وعشائريا وسكنيا ثم ان تكلف جهة واحدة تتولى جمع أسماء المطلوبين لكل الجهات في عموم البلاد ضمن حاسبة موحدة كأن تكون وزارة العدل حيث تقوم هذه الوزارة بتلقي المعلومات عن الشخص المطلوب من جميع الجهات الأمنية المعنية بكل انواعها فتقوم بتوحيد قضايا المطلوب في برنامج واحد وتقوم الوزارة بتوزيع البرنامج المتضمن أسماء كافة المطلوبين ومعلوماتهم وقضاياهم المطلوبين لها على كافة محاكمها في كل محافظات ومدن البلد ومنح رؤساء المحاكم صلاحية القرار بعد ان يطابق اسم المواطن المُراجع مع ما تتضمنه حاسبته من قوائم المطلوبين وبهذا تكون حاسبة وزارة العدل هي المرجعية الوحيدة لإنجاز مثل هذه المعاملات مما يسهل أمر إنجازها ويختصر الكثير من وقت وطرق سيرها وتجنيب المواطنين تكرار نفس الرحلة الطويلة سنويا لأنه كلما احتاج إلى انجاز معاملة سيتم تحويله الى تلك الحاسبة الازلية وعليه في كل مرة ان يعود لنفس تلك المعاناة ومآسيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى