غير مصنف

لك الله يا شعب فلسطين

جريدة الأضواء

 

بقلم / يوسف المقوسي 

لنعترف، أن فلسطين دولة فاشلة. وطن ممتنع. نظام خراب. اقتصاد نهب. سياسات إنتقامية. سياسيون مسوخ.

لنعترف، أن من قتل فلسطين هم قياداته الوارثة والمتوارثة. كان بلداً موعوداً، صار ركاماً موؤوداً. الذين تناوبوا فيه على السلطة والحكم، كانوا قتلة أحلام ومشاريع وأفكار، وقتلة بشر من غير ملتهم . فلسطين الثقافة والإشعاع، ناص ضوؤه وقُتلت شعلته. فلسطين الحرية الفريدة، في منطقة الظلم والعسكر، تحوَّل إلى عبثية. الحرية ,في فلسطين لم تُنجب ديموقراطية أبداً. الحرية، هي حرية التنظيمات الإستتباعية وعنفها وقمعها وتبعيتها. فلسطين الإستقلال كان وهماً. ولا مرة استقلت تنظيماته الحاكمة والمستحكمة عن “أوطان” لها خارج الحدود. إستقلال فلسطين كذبة. . كانت “شعوبه” تابعة ولا تزال ولا مفر منها. كل الدول المتقدمة كانت متخلفة ثم تقدمت بشروط بناء الوطن والمواطن، بناء الإنتصار والكفاية، بناء الإنسان كإنسان وليس كتابع لا مفر له من قائد حزبي وتنظيمي يسوقه بعصاه ويقوده برسنه.

لا. لا نريد هذا الفلسطين القاتل والمقتول. الحرية وحدها عبث. الحرية بلا عدالة إجتماعية ظلم. الحرية بلا مساواة أفدح. الحرية كسلعة، لا تنافس المواطنة أبداً. قيل أن فلسطين الحرية إذا قورن بجيرانه بدا متقدماً عليها. فشروا. لا يقارن السيء بالأسوأ. فإذا كانت دول الجوار العربي استبدادية، فإن فلسطين تفوق عليها بالحرية المجانية، غير المنتجة. كانت الحرية ممسوكة بقرونها من قِبَل رعاة البقر الحزبيين الذين دمروا البلد والإنسان مراراً .

ماذا يريد الفلسطينيون بعدما بلغوا أسفل القاع، الذي لا قاع تحته. فلسطين هذا إنفجر. لاحظوا جيداً، أن أحداً لم يجرؤ أن يمر في المنطقة المنكوبة. لاحظوا أنهم لم ينطقوا بكلمة. لاحظوا أنهم ما زالوا كما كانوا، لصوصاً في مغارة. قراصنة في مركب مخلّع. قادتنا خانونا، وفازوا بأن ظلوا محميين من أتباع أشاوس، وأقوياء بعزم تنظيمي يُنذر دائماً بالدم والنبذ.

فلسطين هذا ليس صالحاً. لم يعد قابلاً للحياة. حتى مع مساعدة ايران “الحنون”، فلسطين معطوب. لا سياسة تسوسه، بل أحقاد تقوده، وسرقات تسوقه ومجالس تكذب عليه وتركب على أكتافه دهراً بعد دهر. فلسطين هذا كان يجب أن ينتهي من زمان. لكن التنظيمات قدرة على أن ترعى “دولة الموتى”. تأملوا الكارثة في جنين. تأملوا كيف يتصرفون؟ كيف يختبئون وأي قول يقولون .

العالم كله اهتز عاطفياً، إلاَّ هُم، “الأنبياء السياسيون” الكذبة. عادوا إلى حليمة في عادتها القديمة، في تركيب سلطة تشبه سنوات القرصنة وعقود النهب. يصح أن يقال، أن تاريخ فلسطين في ربع القرن الأخير، كان تاريخ منهبة وسرقة واقتناص واستغلال وضياع الحقوق، والإستئثار بكل شيء. طبعاً، ومن دون مبالغة، بكل شيء. مع دعامة وتأييد من شارع مقسَّم وطنياً وتنظيميا ومذهبياً وعشائرياً وولائياً.

ويطالبون بالحياد. أي حياد “لشعب” يجد طمأنينته المجرمة في أكناف دول وجماعات وعصابات!

فلسطين هذا، لا نريده. ليته مات من زمان. فلسطين الذي نريده، هو بالتأكيد ضد فلسطين العشرون عام. وما نريده، صعب التحقيق، ولكن لا مفر منه. والتجرؤ والاستبسال من أجل نجاحه. نريد بلداً طبيعياً، ركيزته الأولى: المواطن. المواطن وليس “المواطف”. وحده المواطن، يتحرر من التبعية الداخلية المذلة، ويحقق الاستقلال عن الجميع. المواطن يبني وطناً لا مزرعة، أو منهبة أو عهرنة. والطريق الذي يرسمه المواطن بعقله وسلوكه، هو الطريق إلى الدولة المدنية، الديموقراطية، التي تؤمن سلامة المواطن وتحترم حقوقه وتحاسبه بقضاء أنقى من امرأة قيصر. قضاؤنا الفلسطيني الراهن، قضى على فلسطين . ولا قيمة لقول يقول: “هناك قضاة غير فاسدين”. تشرفنا. ماذا يفيدنا هذا الإستثناء؟ نريد دولة منتجة لا دولة متسوِّلة. دولة تؤمن بالعمل . نريد دولة ، لا تكون رهينة الدول المطبعة والشيعية ومن لا يشبع من سياسيين ومتمولين. نريد دولة العدالة الاجتماعية، ودولة الفكر الحر، والثقافة الرائدة والفنون الخالدة … نريد فلسطين بطاقات شعبه، متعدد المواهب والقوى والمعارف.. نريد دولة لا يشعر فيها المواطن، أنه يعامل كرقيق وكسلعة. المواطن في الدولة الديموقراطية هو المرجع الأول. عندنا مرجعيات قنَّاصة فرص وتكالب على المال العام. نريد فلسطين فاعلاً في محيطه، يتبنى القضايا العادلة ويكون شاهداً عليها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى