مقال

إطلالة سريعة علي رسول الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إطلالة سريعة علي رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إننا حينما نستلهم الحديث عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، فإننا لا يمكن أن نوفيه بعض حقه، وإنما هي إطلالة سريعة وإشارة موجزة، إلى شيء من سماته صلي الله عليه وسلم التي جعلت أفئدةَ الناس تهوي إليه وشيء من صفاته التي جذبت نفوس الخلق إليه، ولقد رأى الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عليهم أجمعين رأي العين كل فضائله ومزاياه صلي الله عليه وسلم، فقد رأوا طهره وعفته، ورأوا أمانته واستقامته، ورأوا شجاعته وبسالته صلي الله عليه وسلم، ورأوا سُموه وحنانه، بل رأى كل هذا أهل مكة الذين عاصروا ولادته وطفولته، بما انطوت عليه من رجولة مبكرة، ولقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يعالج الأمور التي تعرض عليه بحكمة عالية ومثله ما كان يشير به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في معالجة بعض الأمراض، فإنه قد لا يصدر في ذلك عن وحي، ولكن عن تجربة ومعرفة اكتسبها من بيئته، وقد يصدر عن إرشاد من الله تعالى ويجب اتباعه، فيدل على الأول ما أخرجه أبو داود بسنده عن أسامة بن شريك قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الأعراب من ههنا وههنا، فقالوا “يا رسول الله، أنتداوى؟” فقال “تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد السام ” وما أخرجه مسلم وأبو داود عن جابر رضي الله عنه، بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا، وكذلك روى عمرو بن دينار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضا فقال لأهله ” أرسلوا إلى الطبيب” فقال قائل “أنت تقول ذلك، يا رسول الله؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعم فإن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له دواء” ولو كان الطب من أمر أو شريعة يوحى بها إليه ما أرسل الطبيب إلى أبي، ولم يأمر باستدعاء الطبيب، ولأشار على الأعراب بالرجوع إليه في علاج أمراضهم، وإذا ما صدر في شيء من ذلك عن وحي كما في رواية البخاري عن أبي سعيد قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أخي يشتكي بطنه، فقال صلى الله عليه وسلم ” أسقه عسلا” ثم أتاه الثانية، فقال صلى الله عليه وسلم ” أسقه عسلا ” ثم أتاه فقال فعلت، فقال صلى الله عليه وسلم ” صدق الله وكذب بطن أخيك، أسقه عسلا ” فسقاه فبرأ، فإنه يكون إرشادا إلى ما فيه الشفاء دون تخلف عنه ولكنه مع ذلك لا يقتضي قصر الشفاء عليه.

وأن لا شفاء في غيره كما لا يستوجب وجوب المعالجة به دون غيره، وكذلك الحال في لباسه صلى الله عليه وسلم هيئة ووضعا وشكلا، وفي طعامه نوعا ولونا وتناولا، فمرد ذلك إلى عادات قومه، ومقتضيات وطنه، وجوه التي صارت له عادة، ولو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم في جو آخر أو كان من غير العرب لتغير لباسه وطعامه تبعا لذلك، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم حين قدم إليه لحم الضب عافه، ولم يأكل منه، فقيل له أهو حرام؟ قال ” لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى