مقال

الرسول لم يأكل الضب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرسول لم يأكل الضب
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد أخرج الإمام البخاري في صحيحة عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضى الله عنه، أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة فأتى بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فقال بعض النسوة أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل، فقالوا هو ضب يا رسول الله، فرفع يده، فقلت، أهو حرام يا رسول الله؟ فقال ” لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ” فقال خالد بن الوليد فاجتررته فأكلته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فلم ينهني، وهكذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم، فمثل هذه الأمور ما يشبهها، من هيئات جلوسه ونومه ومشيه، وكيفيات سيره وطريقة تناوله لطعامه، ونحو ذلك مما صدر عنه صلى الله عليه وسلم بمقتضى طبيعته، وجبلته.

وكونه بشرا يحيا حياة الناس، ويعيش عيشتهم، ويتقلب متقلبهم في أمور الدنيا، ومتطلبات الطبيعة الإنسانية لم يكن فيها شارعا، ولا تعد أعماله ولا أقواله فيها شريعة يؤخذ الناس باتباعها ويلامون على تركها، وإن دلّ ذلك على إباحتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدم على معصية، وإذا روي عنه فيها صلى الله عليه وسلم ما يتضمن صيغة الأمر فهو في هذه الحال مجرد إرشاد، في الاحتفاظ بالتقاليد القومية، والعادات المرعيّة، التي يكون لها حسنها وجمالها في بيئتها، بينما يكون لها عكس ذلك في بيئة أخرى، تختلف فيها العادات والتقاليد إلى أضدادها، مما يكون طرحه والخروج عليه أمرا مذموما وفعلا سيئا في بيئته، كما هو الحال فيما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك، مراعاة في الاحتفاظ به وعدم الخروج عليه.

من تلك العادات التي كانت للعرب حال حياته صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا ما تبيّن أن أمره بِشيء من ذلك إنما صدر للحافظ على خلق أو مروءة، أو لتجنب ضرر أو فساد، فإنه يكون حينئذ شريعة واجبة الطاعة، قد صدر في الأمر بها عن وحي لا عن عادة مرعية، وبِهذا البيان تحدد ما يعد من السنة شريعة واجبة الطاعة، وما نحن بصدد التعريف بمكانته في بيان الأحكام الشرعية، وأما عن مكانة السنة النبوية المشرفة في بيان الأحكام الشرعية، فإن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما المصدران الأساسيان لتقرير الأحكام وبيانها، وإليهما ترجع جميع المصادر الأخرى، ولكن الكتاب وهو القرآن الكريم يعد المصدر الأول والأساس الذي تقوم عليه السنة النبوية ولا تختلف عنه.

وكان لذلك أصل الأدلة بقول الله تعالى في سورة النساء ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ” ويقول الله تعالى في سورة النحل ” ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ” ويقول الله تعالى في سورة الأنعام ” وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ” ويقول الله تعالى في سورة فصلت ” وإنه لكتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ” وإن الآيات في هذا المعنى عديدة كثيرة ونكتفي بما ذكرنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى