القصة والأدب

الدكروري يكتب عن أوسع الناس صدرا 

الدكروري يكتب عن أوسع الناس صدرا 

الدكروري يكتب عن أوسع الناس صدرا 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن الصحابي الجليل سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الاشياخ فقال لغلام أتأذن لي أن أعطى هؤلاء؟ فقال الغلام والله يا رسول الله، لا أُوثر بنصيبي منك أحد قال سهل فتله ” أي ناوله الإناء في يده، يا ليت كثير من الآباء والأمهات يتعلمون كيف يتعاملون مع أولادهم، فنحن نقرأ كتبا كثيرا، ونتابع برامج، أما إذا استحضرنا نية لله واتباع السنة، سيكون التوفيق من الله، وعن عبدالله بن الشخير قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل، يعني من البكاء” وكيف لا، وهو القائل صلى الله عليه وسلم ” عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله”

 

ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع المثل، وقدم أعظم الصور في السماحة والتسامح، فأقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم جاءت متطابقة تمام التطابق، فلا تناقض بين ما يدعو إليه وبين ما يُطبقه، وصور تطبيقه لهذا الخُلق الكريم شملت كل من تعامل معهم فوجدناها مع أصحابه وأعدائه، وفي السلم والحرب، فضلا عن سماحته مع أهل بيته وجيرانه، وكذا سماحته في البيع والشراء والقضاء، والأخذ والعطاء، ولقد كان النبي صلي الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا، واصدق الناس لهجة، والينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، وكان النبي صلي الله عليه وسلم يؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم، من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه.

 

ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، وكان النبي صلي الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، حيث قال تعالى في سورة آل عمران ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر” وقال تعالى في سورة فصلت ” ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم” ولقد أرسى نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مبادئ السماحة والتسامح بين الناس من غير ذل، ولا إخلال بعزة الإسلام وكرامة الإنسان، فقد ضرب المثل الأعلى في العفو عمن ظلمه، وإعطاء من حرمه، وصلة من قطعه.

 

كل ذلك تسامحا منه صلى الله عليه وسلم وتواضعا لربه ورحمة بالناس وإحسانا إليهم، وإن من أهم صور سماحته وتسامحه صلى الله عليه وسلم، هو سماحته وتسامحه مع أعدائه، فإنه من يطالع السيرة النبوية ويقلب صفحاتها يجد أنها مليئة بتسامح النبي صلى الله عليه وسلم مع أعدائه في مواقف شتى فقد دفع ديات من قتل منهم خطأ، وعفا عن كل معتدى مسيء منهم جاء تائبا، وكان يشيّع جنائزهم، ويحضر ولائمهم، ويأكل من أطعمتهم، ويتعامل معهم في التجارة، ويقترض منهم، حتى توفي صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند بعض اليهود في المدينة، وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم تعليما وإرشادا للمسلمين مع أنه كان في الصحابة من يقرضه بل ويؤثره على نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى