مقال

مشكلة الفجوة بين الأغنياء والفقراء

 
بقلم السفيرة الدكتورة / ماجدة الدسوقي
إن الفوارق الإجتماعية موضوع بحث للعديد من الدراسات وتجذب إهتمام وسائل الإعلام والسياسة ، ومن هنا السؤال المهم الذي ينبغي التركيز عليه بادئ ذي بدء هو : لماذا يعتبر التفاوت الاقتصادي داخل المجتمع مشكلة ؟
عندما يواجه الناس صعوبات إقتصادية فعلية، فإن الوضع يصبح خطيرًا ، كما حدث في ألمانيا خلال الأزمة الاقتصادية العالمية أو ما يعرف بالكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي . ولكن هل التفاوت الإجتماعي خطير في حد ذاته ؟
من الناحية النظرية ، يمكن تصور وجود مجتمع متفاوت اجتماعيًا ولكنه خال من الفقر المطلق، عندئذ يتجه الحديث إلى مصطلح ” الفقر النسبي”حيث يتجاوز مفهوم الفقر الحرمان المادي لأن يصبح بإعتبار متوسط الرفاه والرخاء الاقتصادي للبلد. ولكن على حد قول أستاذ الاقتصاد ريتو فولمي بجامعة سانت غالن ” إذا شعر الانسان بأن ما يؤديه للمجتمع أكثر ما يحصل عليه ، عندئذٍ سيكون الوضع سيئًا ، بمعنى أنه قد يؤدي إلى توترات إجتماعية.
ومن جانب آخر رأى البروفسير روبرت فلودر للعلوم التطبيقية إن التفاوت المادي قد يهدد السلم الإجتماعي “إذا بقيت الأمور تسير في هذا الاتجاه، فربما تفضي إلى قلاقل ” . لذلك نجد أن عدم المساواة الإجتماعية لا تؤثر على الاستقرار السياسي فحسب وإنما أيضا على أيضا على النمو الاقتصادي ،وفقا لاستاذ الاقتصاد فولمي ، إن فرط الهوة الاجتماعية يؤثر على إرادة الأفراد واستعدادهم للمخاطرة ، ومن كان يعاني من الفقر قياسًا لغيره فلن تكون له إمكانات مالية ولن يملك الشجاعة على القدوم بمشروع تجاري .
ومن شأن تزايد التفاوت الإجتماعي أن يفتح الباب أمام تزايد نفوذ دائرة صغيرة من الأشخاص مثل ما حدث في أوروبا والولايات المتحدة عند صعود الأحزاب الشعبوية كان سببًا في إرتفاع معدل البطالة وضعف الأجور ، ومن هنا كانت اللا مساواة الإجتماعية تشكل تهديدًا للديموقراطية.
لايقتصر تأثير مسألة عدم المساواة على إضعاف الجهود الجماعية الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والحد من الفقر وتعزيز الحراك الإجتماعي. إذ تساهم أيضا في تفاقم التوتر السياسي وإشعال النزاعات وانتشار حالة من عدم الاستقرار.فإن الحد من عدم المساواة ضرورة حتمية على الصعيد الاقتصادي والبيئي والأخلاقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى