مقال

الدكروري يكتب عن وطنية رسول الله

الدكروري يكتب عن وطنية رسول الله

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، وهو صلي الله عليه وسلم الذي لاقى من المحن والشدائد أشقها فنشأ يتيما، وأخرج من بلده، وحوصر في الشعب ثلاث سنين، واختفى في غار، ومات له ستة من الولد، وتبعه قومه في هجرته وقاتلوه، ومكر به أهل النفاق، وحاول اليهود قتله، وسُقي السم، وعُمل له السحر، وشُج رأسه الشريف، وكُسرت رباعيته وضُرب بالسيف على عاتقه وكان يقول صلي الله عليه وسلم ” أخفت في الله وما يُخاف أحد، وأوذيت في الله وما يُؤذى أحد” رواه الترمذي، ومع ما لاقاه صلي الله عليه وسلم من تلك المصائب وغيرها كان صلي الله عليه وسلم متفائلا في حياته ويقول ” يعجبني الفأل والكلمة الحسنة” متفق عليه.

الدكروري يكتب عن وطنية رسول الله

فأعرض عن الدنيا ورجا ما عند الله تعالي فكان صلي الله عليه وسلم يقول ” ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها” رواه الترمذي، ففارق صلي الله عليه وسلم الحياة ولم يخلف شيئا من حطامها، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ترك دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا، ولا أوصى بشيء، وقد وصفه الإمام علي رضي الله عنه بقوله لم أري قبله ولا بعده مثله، ويقول جابر بن سمرة رضي الله عنه ” رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر وعليه حُلة حمراء فإذا هو عندي أحسن من القمر ” رواه البخاري، أما بعد فإن الموطن هو كل مكان أقام فيه الإنسان لأمر ما.

وقيل عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وحنينهم إلى وطنهم مكة المكرمة، بأنه إن كان دعاة الوطنية يريدون بها، أي الوطنية حب هذه الأرض وألفتها والحنين إليها والانعطاف نحوها، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جهة، ومأمور به في الإسلام من جهة أخرى، وإن بلال الذي ضحى بكل شيء في سبيل عقيدته ودينه هو بلال الذي كان يهتف في دار الهجرة بالحنين إلى مكة في أبيات تسيل رقة وتقطر حلاوة، فكان يقول ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة، بواد وحولي إذخر وجليل وهـل أردن يوما مياه مجنة، وهل يبدون لي شامة وطفيل، وقد أخرج الأزرقي في أخبار مكة عن ابن شهاب قال، قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فدخل على السيدة عائشة رضي الله عنها.

الدكروري يكتب عن وطنية رسول الله

فقالت له يا أصيل كيف عهدت مكة؟ قال عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت أقم حتى يأتيك النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث أن دخل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال له “يا أصيل كيف عهدت مكة؟ قال والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وأسلت ثمامها، فقال صلى الله عليه وسلم “حسبك يا أصيل لا تحزنا” وفى روايه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ويها يا أصيل، دع القلوب تقر قرارها” أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله “يا أصيل دع القلوب تقر” فإن ذكر بلده الحبيب الذي ولد فيه، ونشأ تحت سمائه وفوق أرضه، وبلغ أشده وأكرم بالنبوة في رحابه أمامه يثير لواعج شوقه، ويذكي جمرة حنينه إلى موطنه الحبيب الأثير العزيز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى