خواطر وأشعار

تراتيل في الفراغ

جريدة الاضواء

تراتيل في الفراغ

قصة قصيرة

وقف رجل في منتصف الشارع نادي على بضاعته ..خرجت امرأة بيضاء لا تلبس على رأسها شيئا ..غير قطعة قماش باهتة، تتدلى على كتفها..انحنت إمام عتبة الباب ..والتقطت حجرا .. لمحها الرجل ، نظرت إليه..ثم دخلت .. أغلقت الباب ..شاهدها الرجل أم لم يشاهدها..لكنه استمر ينادى،

 دون إن تخرجا أي أمراه أو طفل..كان الشارع هاديا ، عربات الكارو أسندت مؤخرتها إلى الأرض ،رافعتي أيديها إلى السماء ..الحمار الوحيد في الشارع ، والذي يبات وحيداّ..أسند جسده ، إلى تراب الشارع..كان كل لحظة يحرك ذيله ورأسه، طاردا ذبابات الصباح..نظر الرجل إلى الحمار ونادي بكل هدوء على بضاعته ..خلف الرجل خرجت أمراه عجوزا ، ذات شال أسود قديم ..سمت الله ..ورشت ماء بملح ، حول عتبة بابها..مدت قدمها اليمنى ..وخرجت ..نظرت إلى الرجل..رأته طويلا، يترك ظل أطول منه على الأرض..ابتسمت ..وسارت بخطوات بطيئة ..مرت من جانب الرجل ..لم تنظر إلى وجهه ، وإنما كانت تنظر إلى الأرض ..نادي الرجل على بضاعته بصوت ضعيف..كأنه يريد أن يسمعها هي ..لم تلتفت المرآة وإنما سارت كما هي..لا تحيد عن طريقها ..تأملها الرجل حتى غابت في آخر الشارع .. مد الرجل جسده في فراغات الشارع ..قفصه على رأسه بدون باب ..يدخله الهواء الحار ، ويخرج منه دون صوت ..الرجل ينادى على بضاعته كل حين.. خرج رجلان ابتسما إلى بعضهما عزم الأول على الثاني بسيجاره سوبر ..أخرج الثاني من جيبه علبة الكبريت ..مرر العود مشتعلا ..بيده الثانية حوط عليه ..قدما كلتا يديه للرجل الأول ..شد الأول النفس الأول،وقذف الثاني العود بعيدا ، سقط العود على الأرض ..شاهده الرجل صاحب البضاعة..سار الرجلان بخطوات منتظمة .. كأنهما عسكريان في مهمة رسمية ..تركا بينهما مسافة لا تتغير ..لا يتحدثان ..نظر الرجل ، وأستمر ينادى ..خرج رجل عجوز ..نظر حوله ..أبتسم، ونظر باتجاه الرجل نادي الرجل ..أبتسم العجوز ..وأخرج من بيته كرسي قديم ..جلس عليه ،باتجاه الرجل ، أبتسم العجوز مرة أخرى ..خرجت امرأة كانت عجوزا جدا ..ارتعشت يدها ..وأسقطت بعض الشاي على الأرض وعلى يدها ، قدمت كوب الشاي للرجل العجوز.. أبتسم ..دخلت المرأة بعد أن قذفت بحبات الذرة لدجاجاتها المحبوسة في ألعشه ..سقطت حبات الذرة البيضاء على رؤوس الدجاجات التي لم تتحرك ..ولم تلتقط الحبات التي سقطت عليها ..كانت المرأة العجوز قد اقتربت من باب ألعشه ، وكادت أن تفتحها لكنها تراجعت .. ودخلت بيتها ..واربت الباب تركت فتحة صغيرة للرجل العجوز يمرر من خلالها صوت عصاه ..أرتشف العجوز بعض الشاي وأسند الكوب بصعوبة ..أوصله بإطراف أصابعه إلى الأرض ..دق بعصاه ..والرجل صاحب البضاعة ينادى مر هواء حار حرك علبة فارغة ..دحرجها بقوة ..أخذت تصدر صوت حتى توقفت بين أرجل الحمار ..بينما العجوز ما زال ينظر إلى الرجل صاحب البضاعة ..كوب الشاي مسند بجوار رجل الكرسي به بقايا شاي ..دجاجات المرأة لا يتحركان ..وحبات الذرة منتشرات بجوارهن ..نقط بيضاء تزين وحدة ألعشه ..خرجت المرأة العجوز ..انحنت ..مالت بجذعها ،التقطت الكوب ..تشمم العجوز رائحتها ، حين اقتربت وتأكد أنها تصنع في الداخل سمكا مقليا ..الرجل صاحب البضاعة تتقاطر من جسده حبات عرق تتخيلها تسقط من مؤخرة رأسه ..تمر على سلسلة ظهره الى سرواله تصدم به..يمتصها السروال ..ينادى الرجل .. بينما المرأة العجوز تنظر إلى دجاجاتها بحب ..نهشها فلا تتحرك تبتسم المرأة وتدخل بيتها ..يتحرك خلفها العجوز يحمل كرسيه القديم ويدخل ..يغلق الباب ..ينادى الرجل على بضاعته ..بينما حبات العرق بدأت تجف ..عاد الرجلين صاحبا الخطوات العسكرية ..مر بجواره..ابتسم إلى بعضهما ..ودخل كل واحد منهما بيته.. نادى الرجل ..عندما شاهد المرأة العجوز تعود ..كانت خطوتها البطيئة كما هي ..نظرت حولها ..وأمام بيتها.. رشت الماء المخلوط بالملح ..سمت الله ودخلت بقدمها اليسرى ..أغلقت الباب بينما إعادة المرة الأولى ..صاحبة الرأس دون غطاء .. الحجر إلى الشارع ..نظرت إلى الرجل .. ودخلت ..نادي الرجل ..وأخذ ينادى .

بقلم القاص محمد الليثى محمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى