مقال

الإنضباط في العبادات والشعائر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنضباط في العبادات والشعائر
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي اصطفى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من سائر بني الإنسان، وجعل فيه الأسوة والقدوة في سائر الأزمان، وفرض علينا محبته، وجعلها شرطا في صحة الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى عليه وعلى أصحابه وسلم تسليما كثيرا، فعليكم بإتباع هدي رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وولاية الله تعالي، فقال الإمام الشوكاني بأن الولي في اللغة هو القريب، والمراد بأولياء الله خلص المؤمنين لأنهم قربوا من الله تعالى بطاعته واجتناب معصيته، وقال في موضع آخر والحاصل أن من كان من المعدودين من الأولياء إن كان من المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله.

مقيما لما أوجب الله عليه تاركا لما نهاه عنه، مستكثرا من طاعاته، فهو من أولياء الله تعالى، وما ظهر عليه من الكرامات التي لم تخالف الشرع، فهي موهبة من الله تعالى لا يحل لمسلم أن ينكرها، ومن كان بعكس هذه الصفات، فليس من أولياء الله، وليست ولايته رحمانية، بل شيطانية، وكراماته من تلبيس الشيطان عليه وعلى الناس، وليس هذا بغريب ولا مستنكر، فكثير من الناس من يكون مخدوما بخادم من الجن أو أكثر، فيخدمونه في تحصيل ما يشتهيه، وربما كان محرما من المحرمات، والمعيار الذي لا يزيغ، والميزان الذي لا يجور هو ميزان الكتاب والسنة، فمن كان متبعا لهما معتمدا عليهما، فكراماته وجميع أحواله رحمانية، ومن لم يتمسك بهما ولم يقف عند حدودهما، فأحواله شيطانية.

والناس في الولاية على درجات ثلاثة، فكل صنف من هؤلاء الأصناف معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ” وأما الولاية الخاصة، فهي القيام لله بجميع حقوقه وإيثاره على ما كل سواه في جميع الأحوال، حتى تصير مراضي الله ومحابه هي همه ومتعلقَ خواطره، يصبح ويمسي وهمه مرضاة ربه وإن سخط الخلق” وهناك أولياء الله اتصفوا بصفات نالوا بها الولاية، فمن صفاتهم الإيمان، فوصفهم بالإيمان ويشمل الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وكذلك التقوى، وهي أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وإننا إذا نظرنا في كل العبادات والشعائر لوجدنا أنها كلها تعلمنا الانضباط وتربينا على النظام.

فلكل عبادة مواقيت تؤدى فيها، وكيفيات تؤدى بها، وأحكام تنظمها وتربي النفوس على الالتزام بالانضباط بمحدداتها، بل إن دقيقة واحدة تقديما أو تأخيرا قد يتوقف عليها صحة العبادة وبطلانها، أو يتوقف عليها اتباع السنة أو مخالفتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم “من غشّ فليس منا” رواه الترمذي، ولا يتتبع عورة مسلم أو مسلمة، حتى ينجو من وعيد الجبار عز وجل، فقد قال صلى الله عليه وسلم حينما صعد المنبر فنادى بصوت رفيع” يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو فى جوغ رحله” رواه أبى داود، بل إنه صلى الله عليه وسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

ويؤدي حقوق الطريق كلها من رد السلام، وغض البصر، وكف الأذى، ونحوها ليحظى بوعد النبى صلى الله عليه وسلم عندما قال “التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء” رواه الترمذي، وأما الحال الأخرى التي تستدعي دخوله الأسواق أن يكون محتاجا للشراء، فإنه إذا كانت المساجد سوقا للآخرة، فيها تصحو النفوس من غفواتها، وتأوي القلوب إلى بارئها وتستثمر الأعمار فيما يضاعف أجور أصحابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى