مقال

الإنسان وخيري الدنيا والآخرة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإنسان وخيري الدنيا والآخرة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان، علمه البيان، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، رفع منزلة أهل العلم والإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه في الأميين يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما مزيدا، وهو صلى الله عليه وسلم الذي يسأله شيخ كبير أدركه الهرم وأضناه الكبر عن عمل يداوم عليه، فأفتاه صلى الله عليه وسلم بعمل يسير يناسب حاله على أفضل عمل وأسهل عبادة وأيسر طاعة، في لفظ وجيز، ولو كان غيره لربما أوصى الرجل بالاجتهاد في الطاعة واغتنام آخر العمر بالجد في العبادة مع إغفال ضعفه وإهمال شيخوخته.

وانظر ما أجمل كلمة صلى الله عليه وسلم ” لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله” وانظر الكلمة وما فيها من حسن تصوير وبراعة عرض وطلاوة عبارة تهيج السامع على هذا العمل الجليل، وهو صلى الله عليه وسلم الذي جاءه غيلان الثقفي، وكان قوي البنية ضخم الأعضاء صلب الجسم، فسأله عن عمل يتقرب به الى الله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم ” عليك بالجهاد في سبيل الله” فانظر لحسن اختياره صلى الله عليه وسلم للعمل وملاحظته استعداد الرجل وما يصلح له ويناسب حاله، فيا لها من فطنة باهرة وحكمة عامرة، وهو صلى الله عليه وسلم الذي سأله أبو ذر الغفاري رضي الله عنه وكان غضوبا حاد الطباع أن يوصيه فقال صلى الله عليه وسلم ” لا تغضب” ثلاثا، فكان هذا دواءه وعلاج حالته وبلسم حاله الذي لا يصرف إلا من صيدلية النبوة المباركة.

وصارت هذه الكلمة قاعدة من قواعد الدين وأصلا من أصول الشريعة، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فإن الإنسان في هذه الحياة لا يفوته أي خير من خيري الدنيا والآخرة إلا وتجد أن سببه إما العجز وإما الكسل، ولذا الشيطان حريص على هذا الأمر، حريص على أن يثبط ابن آدم وأن يثقله عن العبادة، فالكسل مقبرة النبوغ، بل إنه طريق لاستباحة أموال الناس بغير حق، ولذا ما تراه من كثرة المتسولين في هذا العصر ليس إلا ناتجا من الكسل، وإلا لو أن أحد هؤلاء ذهب فتكسب فأنفق على نفسه وعلى أسرته لكف وجهه من الامتهان والابتذال، إذن فإن من أخطر الأنواع أن تتكاسل هذه الروح ويتبعها الجسد عن القيام بالعبادات الشرعية، ومن الناس من إذا قام إلى الصلاة يقوم بتكاسل.

وهناك بعض الشباب يقوم مجاملة لوالديه، وبعض الناس مجاملة لزملائه في العمل، وبعض الناس يكون معه أحد فيقوم ليصلي، وهذا التثاقل وهذا التأخر في الأداء دليل على وجود هذا المرض الخطير، فبادر بعلاج هذا المرض، وإعلم أنك إن لقيت الله به ربما لا تنجو، ولكنك إذا كنت حريصا على العلاج فإن الله عز وجل سيعينك، وإذا أردت أن تختبر نفسك فانظر لحالك إذا جاء وقت الصلاة وأنت مشغول، وهو أن تكون مشغول ببيع أو شراء، أو عقد صفقة، أو شراء أسهم، أو بيع أسهم، وربما هذا الأمر يضرك في دينك ودنياك وأنت لا تدري، فيصرفه الله عنك لو كنت تصلي ولكنك جاهل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى