مقال

الدنيا محدودة وأيامكم معدودة

جريده الأضواء

الدكروري يكتب عن الدنيا محدودة وأيامكم معدودة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على الهادي البشير، وعلى آله وصحبه أجمعين، الذي كان من شفقته بنساء أمته صلي الله عليه وسلم أنه قال إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه” رواه البخاري، وكما كان من حرصه صلي الله عليه وسلم على مراعاة نفسيات أصحابه أنه قال عليه الصلاة والسلام “لولا أن أشق على المؤمنين ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي” رواه البخاري ومسلم، والذي كان من حرصه صلى الله عليه وسلم على شباب أمته هو كما حدّث مالك بن الحويرث رضي الله عنه فقال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون.

فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عن من تركنا من أهلنا، فأخبرناه، فقال صلي الله عليه وسلم ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم” متفق عليه، فاللهم صلي وسلم وزد وأنعم على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، واللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبيّا عن أمته، واللهم احشرنا في زمرته وأوردنا حوضه واسقنا من يده الشريفة، الذي كان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقا وأكرمهم وأتقاهم فعن أنس رضي الله عنه قال” كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا” وعن أم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت “ما رأيت أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم” رواه الطبراني.

وقال الله تعالى مادحا وواصفا خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ” وإنك لعلي خلق عظيم ” وكما قالت أم المؤمنين السيدة عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي صلي الله عليه وسلم قالت ” كان خلقه القرآن” فهذه الكلمة العظيمة من السيدة عائشة رضي الله عنها ترشدنا إلى أن أخلاقه صلي الله عليه وسلم هي اتباع القرآن وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمه القرآن، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمرا ونهيا سجية له وخلقا، فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلق جميل.

فاللهم اختم بالصالحات أعمالنا، وأصلح لنا جميع أحوالنا، فراجع نفسك، فعلى أي شيء تطوي صحائف أيامك، فلعله لم يبقي من عمرك إلا ساعات أو أيام، فاستدرك عمرا قد أضعت أوله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” فهكذا أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، باغتنام هذه الخمس قبل حلول أضدادها، فاتقوا الله عباد الله واستدركوا ما فات بالتوبة واستقبلوا ما بقى بالعمل الصالح، فإن إقامتكم في هذه الدنيا محدودة وأيامكم معدودة وأعمالكم مشهودة، فوالله ثم والله إنه لينتظرنا كأس لزاما علينا أن نذوقه إنه الموت فوالله لأموت أنا وتموت أنت ويموت كل حي شئنا أم أبينا رضينا أم لم نرضى.

وأن بعد الموت قبر وبعث ونشور، وكتاب يسطر كل ما عملناه في أعمارنا وأن هناك يوم جزاء وحساب فإما جنة أو نار، جزاء على ما قدمناه في أيامنا وحياتنا، فمن قضى عمره في طاعة ربه ومولاه وقدم خيرا فهو إلى خير ونعيم أبدي إنشاء الله، ومن قضى عمره في اقتراف الشرور المعاصي وإغضاب ربه عز وجل فهو إلى شر وشقاء أبدي ألم يتداركه الله عز وجل برحمته، فهل ترى هذه الأعمال والحركات والرصيد المتجمع خلال عام أليس خليقا بالمحاسبة والتذكر؟ والمحاسبة النافعة هي التي تقود صاحبها إلى استدامة عمل الخير، وقصر النفس قدر المستطاع عن عمل السوء، والنظر في العواقب تلقيح العقول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى