مقال

الكوفة ومولد أبي حنيفة

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن الكوفة ومولد أبي حنيفة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد فلقد كانت الكوفة وهي مولد أبي حنيفة إحدى مدن العراق العظيمة، بل ثاني مصريه العظيمين في ذلك الوقت، وفي العراق الملل والنحل والأهواء، وقد كان موطنا لمدنيات قديمة، كان السريان قد انتشروا فيه وأنشأوا لهم مدارس به قبل الإسلام، وكانوا يدرسون فيها فلسفة اليونان وحكمة الفرس، كما كان في العراق قبل الإسلام مذاهب نصرانية تتجادل في العقائد.

وكان العراق بعد الإسلام مزيجا من أجناس مختلفة وفيه اضطراب وفتن، وفيه آراء تتضارب في السياسة وأصول العقائد، ففيه الشيعة، وفي باديته الخوارج، وفيه المعتزلة، وفيه تابعون مجتهدون حملوا علم من لقوا من الصحابة، فكان فيه علم الدين سائغا مورودا، وفيه النحل المتنازعة والآراء المتضاربة، فقد فتحت عين أبي حنيفة فرأى هذه الأجناس، ونضج عقله فانكشفت له هذه الآراء، وابتدأ منذ الصبا يجادل مع المجادلين، ولكنه كان منصرفا إلى مهنة التجارة، ويختلف إلى الأسواق ولا يختلف إلى العلماء إلا قليلا، حتى لمح بعض العلماء ما فيه من ذكاء وعقل علمي، فضن به، ولم يرد أن يكون كله للتجارة، فأوصاه بأن يختلف إلى العلماء كما يختلف إلى الأسواق.

ويروى عن أبي حنيفة أنه قال مررت يوما على الشعبي وهو جالس فدعاني، فقال لي إلى من تختلف؟ فقلت أختلف إلى السوق، فقال لم أعن الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء، فقلت له أنا قليل الاختلاف إليهم، فقال لي لا تغفل، وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء، فإني أرى فيك يقظة وحركة، قال فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت في العلم، فنفعني الله بقوله، فقد انصرف أبو حنيفة إلى العلم بعد نصيحة الشعبي، وصار يختلف إلى حلقات العلماء، وكانت حلقات العلم في ذلك العصر ثلاثة أنواع حلقات للمذاكرة في أصول العقائد، وهذا ما كان يخوض فيه أهل الفرق المختلفة، وحلقات لمذاكرة الأحاديث النبوية وروايتها، وحلقات لاستنباط الفقه من الكتاب والسنة، والفتيا فيما يقع من الحوادث.

وهكذا ينبغي علينا جميعا أن نتعلم وأن نسعي للتعليم ونعلم جيدا بأن إشراك الطالبة والمعلمة في مواجهة عقبات الدعوة يعلمهما أن كثيرا من العاملات في مجال الدعوة يواجهن مثل تلك العقبات والمشكلات، الأمر الذي يجعل المعلمة والطالبة يتحلين بالثبات وعدم اليأس أو فقد الأمل أمام الصعوبات التي تعجز عن تغييرها، وأن استعصاء بعض المشكلات على الحل اليوم لا يعني استحالة معالجتها في المستقبل، ولذلك يتطلب سبيل للارتقاء بالدعوة في المرحلة الثانوية مشاركة المعلمة أو الطالبة في التخطيط والتنفيذ للارتقاء بالدعوة، حتى يتم اكتشاف المعوقات وأسبابها، وبالتالي تشعر كل منهما بأهميتها في مجال الدعوة رغم أن بعض المعوقات مرتبطة بها، وإلا ظل أثر العلاج سطحيا غير متناول للجوهر الحقيقي للمعوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى