مقال

به يتحقق الرخاء والازدهار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن به يتحقق الرخاء والازدهار

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إن المتأمل في سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يجد أنها ملئ بتلك الأخلاق الرائعة التي امتدحه الله عزوجل بها في قوله تعالى ” وإنك لعلي خلق عظيم ” ومن هذه الأخلاق والتي أساس في دعوته وتعامله صلى الله عليه وسلم هو خلق الرحمة فتأمل الوصف القرآني لهذا الخلق ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ” وتجلى هذا الخلق في حياته صلى الله عليه وسلم ببعض الأمثلة التي توضح ذلك الخلق الرفيع فمن هذه الأمثلة أنه قال صلى الله عليه وسلم. 

” يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ” رواه البخاري ومسلم، وعندما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ” إن تعذبهم فإنك عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ” رفع يديه صلى الله عليه وسلم وقال ” اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل ياجبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بما قال، فقال الله ياجبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك” رواه مسلم، فإن الأمن بمفهومه الشامل يتمثل في حماية المجتمعات وحفظها من الوقوع في الشبهات والشهوات، وإن الأمن على العقول لا يقل أهمية عن أمن الأرواح والأموال، فكما أن للأرواح والأموال لصوصا، فإن للعقول لصوصا كذلك، ولصوص العقول أشد خطرا وأنكى جرحا من سائر اللصوص. 

ومن مطالب الحياة الطيبة هو الأمن والأمان، فكيف يعيش المرء في حالة لا يجد فيها أمنا ولا استقرارا، وكيف يطيب عيشه إذا عدم الأمن، وهو كذلك ضرورة لكل مجتمع، حيث السلامة من الفتن والشرور والآفات، وبه يتحقق الاطمئنان والسكون، والرخاء والازدهار، وبه تستقيم المصالح وتحفظ الأنفس، وتصان الأعراض والأموال وتأمن السّبل وتقام الحدود، وبفقده تضيع الحقوق، وتتعطل المصالح، وتحصل الفوضى، ويتسلط الأقوياء على الضعفاء، ويحصل السلب والنهب، وسفك الدماء وانتهاك الأعراض، إلى غير ذلك من مظاهر فقد الأمن للمجتمع، وإن الأمن نعمة عظمى، ومنّة كبرى، لا يدرك قيمته ولا يستشعر أهميته إلا من تجرّع غصةَ الحرمان منه، واصطلى بنار فقده، فوقَع في الخوف والقلق، والذعر والاضطراب والفوضى والتشريد والضياع.

فكم من غريب فقَد موطنه، وكم من شريد غاب عن أهله وعشيرته، وكم من منكوب تائه لا يعرف له مأوى، ولا يشعر بطمأنينة ولا استقرار، فإن حاجة الإنسان للأمن والاطمئنان كحاجته إلى الطعام والشراب والعافية للأبدان، وكيف لا وقد جاء الأمن في القرآن والسنة مقرونا بالطعام الذي لا حياة للإنسان ولا بقاء له بدونه؟ وقد امتن الله به على عباده، وأمرهم أن يشكروا هذه النعم بإخلاص العبادة له، فإذا عم الأمن البلاد، وألقى بظله على الناس، أمن الناس على دينهم، وأمن الناس على أنفسهم، وأمن الناس على عقولهم، وأمنوا على أموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتب الله تعالى الأمن على أهل بلد من البلاد، سار الناس ليلا ونهارا لا يخشون إلا الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى