مقال

القضاء بين العباد يوم القيامة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن القضاء بين العباد يوم القيامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الخميس 26 اكتوبر

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، روي عن بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول في صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم اجعل فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين” وقد ذكر الشافعية أن رجلا لو حلف ليصلين على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة فطريق البر أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون وسها عن ذكره الغافلون” ويقول الإمام النووي في كيفية الصلاة والسلام علي النبي، والصواب الذي ينبغي الجزم به أن يقال “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم” وقد تعقبه جماعة من المتأخرين بأنه ليس في الكيفيتين المذكورتين ما يدل على ثبوت الأفضلية فيهما من حيث النقل.

وأما من حيث المعنى فالأفضلية ظاهرة في الأول، والمسألة مشهورة في كتب الفقه والغرض منها أن كل من ذكر هذه المسألة من الفقهاء قاطبة لم يقع في كلام أحد منهم “سيدنا ” ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها والخير كله في الاتباع والله أعلم، وما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله من عدم مشروعية تسويده صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه اتباعا للأمر الكريم وهو الذي عليه الحنفية هو الذي ينبغي التمسك به لأنه الدليل الصادق على حبه صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالي” قل إن كنتم تحبوني فاتبعوني يحببكم الله” وأكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم صل على محمد” وجاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال “لكل غادر لواء يوم القيامة”

وهذا اللواء الذي ينشر على رؤوس الخلائق لكل غادر خان الأمانة، ولم يحفظ الحق والعهد، يجعل له لواء عند أسفله أى عند عورته، يقال هذه غدرة فلان بن فلان، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم تبرّأ من هذه الخيانات بكل أنواعها، فكانت في الأموال والنقدين من الذهب والفضة، أو من الممتلكات، من العقار، أو من الحيوان، وغير ذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “لا ألفين أحدكم يوم القيامة” وهو صلى الله عليه وسلم يحذر لا ألقى أحدا منكم يوم القيامة وقد حمل على رأسه ما غله وخان به وغدر من حطام هذه الدنيا، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأمثلة على ذلك شاة كانت أو بقرة، أو كانت عقارا يخفق، ويقول لي يا رسول الله، أدركني، فأقول “لا أملك لك شيئا قد أبلغتك وبيّنت لك”

ومن مثل ما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “من ظلم قيد شبر من الأرض، طوقه من سبع أراضين يوم القيامة” وقال العلماء أن المعنى في هذا الحديث أن من ظلم شيئا من الأرض بأن أختلس وأضافه إلى ملكه وهو لا يملكه، فإنه يطوّق به من سبع أراضين يوم القيامة، قيل إنه يُجعل كالطوق على عنقه، وجاء في بعض الروايات أن من ظلم ولو قيد شبر من الأرض، فإنه في يوم القيامة يكلف بنقل تراب تلك الأرض، حتى يقضى بين العباد، فالعباد يفصل بينهم، وهو في هذا العذاب والنكال والخزي على رؤوس العباد، فمن ظلم قيد شبر ولو شبرا، فكيف بمن يظلم الأمتار والكيلومترات، ولا يستشعر هذه العاقبة السيئة، فأنتم تعلمون سوء هذه العاقبة بعد أن بيّنها الله في كتابه وحذر منها.

وبيّنها نبيه عليه الصلاة والسلام، ولا ينبغي أن يكون الأهل والأولاد عُذرا في اقتراف هذه الخيانات، فإنه يكون اكتسابها من طريق حرام، وربما تمتع بها الأهل والأولاد، وكان عليه الخزي والحساب عياذا بالله من ذلك، والمرء إذا احتسب ما عند الله، فإن الله عنده أجر عظيم، فإن هذه الأموال التي أردتم خيانتها إن دفعكم الشيطان، لا تغني عنكم شيئا لأن مالكها هو الله، فإن الله عنده أجر عظيم لمن احتسب عنده الأجر، يجعل له حسن العقبى في الآخرة والأولى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى