مقال

حق التشريع والتحليل

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن حق التشريع والتحليل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم السبت : الموافق 4 نوفمبر

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إن الله سبحانه وتعالى أباح للمؤمنين الطيبات لأنهم ينتفعون بها، ويشكرون الله عليها كما أمرهم ربهم بقوله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون” فإن سلطة التشريع والتحليل والتحريم إنما هي لله الواحد القهار، الذى ملك السموات والأرض، وله خزائن السموات والأرض، أحل للناس ما فيه مصلحة، وحرم عليهم ما فيه مضرة، وإن الذى يملك حق التحليل والتحريم في هذا الكون هو الذي خلقه، وهو الله وحده لا شريك له، وليس ذلك لأحد من البشر، لا فرد، ولا طبقة، ولا أمة ولا سلطة.

وكل جهة أخرى تحلل أو تحرم شيئا في حياة البشر فإنما تصدر أحكاما باطلة بطلانا أصليا، فليس لأحد غير الله أن يحلل أو يحرم في طعام أو شراب أو نكاح، ولا في لباس، ولا في حركة، ولا في عمل، ولا في عقد، إلا أن يستمد سلطانه من الله حسب شريعة الله عز وجل، وكل ما يشرعه البشر للبشر بغير سلطان من الله فهو من حكم الجاهلية، وهو اعتداء على حق الله في خلقه، ومن ثم فهو باطل بطلانا أصليا، والقرآن الكريم أباح التعلق به والتمسك بأهدابه، ونبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام أحب وطنه وشغف به، واستغرب حينما أخبره ورقة بن نوفل أنه سيخرجه قومه من وطنه، فقال صلى الله عليه وسلم ” أو مخرجي هم ” فهو لا يستغرب ردهم لدعوته ورفضهم لرسالته، ولكنه يعجب أن يتمادوا في ذلك إلى درجة أن يخرجوه من وطنه.

ويمارسوا عليه هذا النوع من التعذيب النفسي والجسدي والروحي، فطالما تعلقت روحه بشعاب مكة، ولطالما طوفت بين سككها وضواحيها ولهذا قال عليه الصلاة والسلام مخاطبا الدار التي أحب، والبلد التي هامت بها روحه وأنشزت فيها عظامه، ونبت فيها لحمه “علمت أنك خير أرض الله، وأحب الأرض إلى الله عز وجل، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت” وباح بهذا الحب في المدينة، حينما أصابت الحمى أصحابه فاشتكى أبو بكر، فكان إذا أخذته الحمى يقول اللهم العن عتبة وشيبة وأميّة بن خلف، كما أخرجونا من مكة، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقوا، قال ” اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم صححها وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها إلى الجحفة”

وكان المولود يولد بالجحفة، فما يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى، وروى ابن الجوزي بسنده عن أبي بكر الهذلي، عن رجال من قومه أن أصيلا الهذلي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فقال ” يا أصيل، كيف تركت مكة؟ قال يا رسول الله، تركتها وقد ابيضت بطحاؤها، واخضرت مسلاتها، يعني شعابها، وأمشر سلمها، والإمشار ثمر له حمرة، وأعذق إذخرها، والإعذاق اجتماع أصوله، وأحجن ثمامها، والإحجان تعقفه، فقال ” يا أصيل، دع القلوب تقر، لا تشوقهم إلى مكة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى