مقال

المروءة وصنع المعروف

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المروءة وصنع المعروف

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 14 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد، إن من الناس من دق الفقر عنقه وافترسه بأنيابه وفوّت عليه جمال الحياة فهو يحتاج إلى من يغيثه بمطعم أو ملبس أو نفقة تعينه على مسغبته، ومن الفقراء أقوام جللهم الدّين بقتار الهم والانكسار والذل فهم أحوج الناس إلى صنع المعروف من أصحاب الديون أو ممن يرقون لبلواهم ويغيثونهم من الأغنياء وأهل النشب، ومن الناس من يحتاج إلى الجاه ليقضي به مأربه ويصل به إلى مبتغاه ومن يغيثه بالشفاعة الحسنة فله نصيب من أجرها، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء” رواه البخاري، وما أكرم وأنبل موقف نبي الله يوسف الصديق عليه السلام الذي سارع بتأويل منام الملك وبلا أجرة ولم يساوم في حريته من السجن وهو المظلوم منذ بضع سنين، وكان رده فوريا للعبد الذي وفد من الملك يسأله عن الرؤيا، ولقد كان تأويل الصديق يوسف عليه السلام كطوق النجاة للبلاد والعباد، ويعد من باب إغاثة الملهوف في باب التعبير والرؤيا، ويدهش الملك من التأويل ويطلب يوسف عليه السلام لكنه أبى أن يخرج من باب العفو الملكي وطلب تحقيقا جديدا في قصة امرأة العزيز ونسوة الوزراء، وتجلت المروءة وصنع المعروف من سيدنا موسى الكليم عليه السلام حينما سقى لابنتي شعيب وبلا أجرة. 

مع أنه كان في شدة الحاجة مفتقر إلى عطاء الله وفضله، وهو الذي طعم ورق الشجر وكان في مخمصة وفاقة لكنه مع ذلك لم يشترط ولم يؤجل المروءة والشهامة ولم يقايض عليهما مالا أو مقابل وكان لم يذق طعاما منذ سبعة أيام ولصق بطنه بظهره، حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما وكان قد بلغ به الجوع وأخضر لونه من أكل البقل في بطنه، ووافاه فضل الله بعد ذلك حينما رجعت إليه إحدى ابنتي شعيب فقد أغاثهما موسى عليه السلام بلا مقابل ولم يطلب أي شئ بل إنه تولى عنهما بعد أن أدى واجبه، وهذا دأبه ودأب الأنبياء والصالحين، وإن من فضل الله تعالي علي الإنسان أن يرزقهم بذرية صالحه تكون مداد لهم بعد مماتهم، ولعظيم هذا الشأن نرى أنبياء الله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريتهم الصلاح والهداية. 

فقال تعالى عن الخليل عليه السلام وهو يدعو ربه بتلكم الدعوات ” رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى” أى اجعل من ذريتى من يصلى ويزكي، وها هو زكريا عليه السلام ينادى ربه قائلا ” رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء” وها هم المؤمنون كما أخبر الله عنهم أنهم يقولون في دعائهم ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما” وها هو الرجل الصالح الذي أنعم الله عليه بنعمه، يتذكر نعم الله عليه، ويقول شاكرا لنعم الله، شاكرا لآلائه وإفضاله ” رب أوزعنى أن اشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين” فإن كل هذه النصوص القرآنية والنبوية وغيرها، تلقى بالتبعة والمسؤولية التربوية في أصلها على كاهل الوالدين، وعلى الأسرة المسلمة، وتحملهم هذه العبء الثقيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى