مقال

الإستحياء من الحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإستحياء من الحق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 26 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد إن الحياء صفة من صفات الله رب العالمين والملائكة والمرسلين وصالح المؤمنين فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربه بذلك فقال إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا خائبتين” رواه أبي داود، وكل صفة وصف الله بها نفسه وقامت الأدلة على وصف العباد بها فلا تظنن أن ذلك يعني مشابهة الله لخلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فالفرق بين صفاتنا وصفاته كالفرق بين ذاتنا وذاته.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم في عثمان رضي الله عنه “ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة” رواه مسلم، وهو دليل على اتصاف الملائكة به وهو خلق الأنبياء، فقد جاء عن خاتمهم صلى الله عليه وسلم “أربع من سنن المرسلين الحياء والتعطر والسواك والنكاح” روه الترمذي، وقال أبو سعيد رضي الله عنه ينعت نبينا صلى الله عليه وسلم “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها” وهو خلق المؤمنين الصادقين، فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بمناقبه فيقول ” وأصدقهم حياء عثمان” إن أحق من يستحى منه الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم “فالله أحق أن يستحيا منه” رواه الترمذي، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الحياء من الله.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “استحيوا من الله حق الحياء” قلنا يا نبي الله إنا لنستحي والحمد لله قال “ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء” رواه الترمذي، وهذا الحديث دليل على ما سبق ذكره من أن الحياء يصد عن قبيح الفعال وذميم الصفات، واعلموا أنه ليس من الحياء أن يسكت الإنسان على الباطل وليس منه أن تعطل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا جبن وخور وضعف وليس من الحياء في شيء، فقال الإمام النووي رحمه الله ” وأما كون الحياء خيرا كله ولا يأتي إلا بخير.

فقد يشكل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يجله فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك مما هو معروف في العادة وجواب هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة منهم الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس بحياء حقيقة بل هو عجز وخور ومهانة وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازا لمشابهته الحياء” ولذا مما تنزه الله عنه الاستحياء من الحق مع أنه موصوف بالحياء كما سيأتي، وسببها أن المنافقين لما ضرب الله مثلهم “كمثل الذي استوقد نار” وقوله “أو كصيب من السماء” قالوا الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال، فأنزل الله الآية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله لا يستحيي من الحق” رواه الترمذي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى