مقال

الضرورة التي تبيح المحظور

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الضرورة التي تبيح المحظور
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن الحياء من الناس خلق حسن جميل يمنع من المعايب، ويشيع الخير والعفاف، ويعوّد النفس ركوب الخصال المحمودة، كما أن الحياء من الناس دليل على مروءة الإنسان فالمؤمن يستحي أن يؤذي الآخرين سواء بلسانه أو بيده، فلا يقول القبيح ولا يتلفظ بالسوء، ولا يطعن أو يغتاب أو ينم على الآخرين، وكذلك يستحي من أن تنكشف عوراته فيطلع عليها الناس، وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ” لا خير فيمن لا يستحي من الناس” وكما أن الحياء من الناس يكون بحفظ ماء الوجه لهم، ولا يتم ذلك إلا بكف الأذى عنهم.

وترك ما يغضبهم أو يزعجهم، قال أحد الحكماء “من كساه الحياء ثوبه، لم يري الناس عيبه” وقال بعض البلغاء “حياة الوجه بحيائه، كما أن حياة الغرس بمائه” ومنه أن يطهّر الإنسان فمه من الفحش ومعيب الألفاظ، وأن يخجل من ذكر العورات، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها، واعلموا يرحمكم الله بأن الضرورة التي تبيح المحظور هي الضرورة التي تقدر بقدرها دون أن تزيد عليها، وتوجد قاعدة أصولية تقول إذا بلغ على يقينك أنك وأهلك ومن تعول سيهلكون من الجوع أو العرى أو التشرد عندئذ الضرورات تبيح المحظورات، لكن ما رأيت قاعدة توسع بها الناس وشدوها إلى مصالحهم مثل هذه القاعدة، فيكون ليس مضطرا إلى هذا الشيء، ويتوسع به توسعة.

فالرفاهية عنده ضرورة، والسفر ضرورة، وفرش البيت ضرورة، ويقول أنا مضطر، ولكن اسأل من المضطر؟ فأريد بشكل قاطع أن تعلموا من هو المضطر، فهو من غلب على يقينه أنه هالك هو وأهله من الجوع أو العرى أو التشرد، فهذا هو المضطر الذي تباح له المحظورات، وإن العلماء صنفوا الحاجات إلى ثلاثة أقسام وهى ضرورات، وحاجات، وتحسينات، وإن التحسينات ليست ضرورة، والحاجة ليست ضرورة، فالضرورة ما توقفت عليها حياتك وسلامتك، فإذا غلب على يقينه أنه ميت، أو سيفقد أحد أعضائه هو ومن معه إما من الجوع أو العرى أو التشرد فهذه هي الضرورة التي تبيح المحظور، لذلك قالوا الضرورة تقدر بقدرها دون أن تزيد عليها، فمثلا لو أن امرأة أصيبت بمرض لا يستطيع معالجته إلا طبيب رجل.

فلا ينبغى أن يبدو من أعضاء جسمها إلا القدر الذى لابد منه لمعالجتها، وهذا الكلام يقال للطبيب، ويقال للمريضة، فالضرورة تقدر بقدرها فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا يبغى المعصية، ولا يتجاوزها عن القدر الذي يكفيه لا إثم عليه، وأيضا فإن الحلال والحرام في الأطعمة والأشربة، ثم في الملبس والزينة، ثم فى البيت، ثم في الكسب والاحتراف، وأيضا الحلال والحرام فى موضوعات أخرى نحن في أمس الحاجة إليها، فالحلال والحرام فى بيتك، وفى عملك، وأولادك، وزوجتك، وبناتك، وكسب المال، وإنفاق المال، ولهوك، وسفرك، وإقامتك، فيجب أن تعرف حدود الله عز وجل، وقد بينت لكم أن الأصل فى الأشياء الإباحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى