مقال

الشاطئ الغربي لخليج عمان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الشاطئ الغربي لخليج عمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا ورسولنا محمدا عليه الصلاة وأتم التسليم، أما بعد إن مدينة دبا الحصن تطل على ضفاف الشاطئ الغربي لخليج عمان، وتتميز بموقعها الجغرافى الذي يمثل الامتداد الشرقى الطبيعي لإمارة الشارقة، فدبا الحصن من المدن الجميلة التابعة لهذه الإمارة، وتجاورها دبا الفجيرة ودبا البيعة، ويرتبط اسم دبا بسوق من أسواق العرب بالجاهلية مثل سوق عكاظ وعدن وصنعاء وعمان وحضرموت، وكان ذلك السوق يسمى بسوق دبا ويجمع بين تجار جزيرة العرب والهند والسند وبلاد فارس والصين، وبسبب الحركة التجارية التي كانت تشهدها دبا في الماضي، ولأن تربتها خصبة للمحاصيل الزراعية.

توافدت عليها أنواع كثيرة من المحاصيل الزراعية وتم زراعتها فيما بعد وانتشرت في المنطقة بعد ذلك، وكان أغلب رجال مدينة دبا الحصن يعملون في البحر كصيد الاسماك وغواصين على اللؤلؤ وبناء السفن الخشبية أو رحالة، فقد وصل بعضهم إلى شرق أفريقيا والهند وبلاد فارس، وكان البعض الآخر منهم يعمل في الزراعة، وكانوا يشتهرون بجودة محاصيلهم وخاصة الرطب والمانجو والخضروات، وكان للمرأة في مجتمع دبا الحصن دور بارز حيث يغيب الرجال بسبب الانشغال أو الأسفار لطلب الرزق، فكانت المرأة تتحمل أعباء كثيرة في تربية الأبناء، وكانت تقضي وقتها في أعمال مختلفة من أجل توفير الماء والغذاء للأسرة، وبالإرادة والروية يمكن صنع المستحيلات.

فبالنظر إلى عبقرية التاريخ وحكمة الجغرافيا يمكن استعادة الأمجاد، وهكذا هو الحال في دبا الحصن التي تحولت خلال مدة قصيرة من واحة تقيم فى الماضي تستدعي نواميسه وأحواله إلى مدينة ترفن بالنعيم وتتجدد بوتيرة صاعدة، في دبا الحصن يتعانق الماضي مع المستقبل ضمن بانوراما مشهدية ودلالية تباشر ثقافة استثنائية للعمل وتحقيق الأحلام، وتقديم رافد آخر من روافد النماء المادى والروحي لإمارة الشارقة، فإن مدينة دبا ذات التاريخ المغرق في العراقه والقدم تحدث عنها ابو حيان التوحيدي في كتاب الامتاع والمؤانسه، وسرد لنا قصتها المرزوقي المتوفى عام ربعمائة وواحد وعشرون، من الهجرة في كتاب الازمنة والامكنه، وقد ورد اسم هذه المدينة في كتابين هما مراصد الاطلاع،

واحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم، وكل هؤلاء قالوا عنها انها كانت احد اسواق العرب في الجاهلية وسوقها المعروف باسم سوق دبا، وكان واليها هو الجلندى بن المستكبر، وعندما اشرق الاسلام بنوره على المنطقة كان أهل دبا ومعهم أهل المنطقة قد استاجبوا للدعوة الالهية، وهى من جملة أسواق العرب وتقوم سوقها في آخر يوم من رجب وتجمع بين تجار جزيرة العرب والهند والسند والصين، ويبدو أنها كانت ذات شأن ثم اضمحل مركزها ولعل السوق المذكورة كانت عندما فتحها المسلمون أيام الخليفة أبي بكر الصديق رضى الله عنه فى العام الحادى عشر هجرية وكانت العادة ألا يباع فيها شيء حتى يبيع ملكها الجلندى بن المستكبر كل ما عنده وذكر أبو حيان التوحيدى سنة ربعمائة من الهجرة في كتابه الإمتاع والمؤانسة، أنها من أسواق العرب.

حيث تقع شرقي خورفكان بينما تفصل إمارة الفجيرة بين كلبا وخورفكان، وهى ساحل نظيف، على خليج عمان تحده جبال عمان التي تستمر حتى خليج عمان وبها الكثير من الأخاديد العميقة وتنحدر منها المياه إلى السهول لتسقى المزارع والبساتين شتاء، أما الساحل فتقدر سعة مدخله بحوالي سبعة كيلو مترات والقسم التابع لإمارة الشارقة من دبا يسمى دبا الحصن وبه ميناء للصيد وسوق تجارى، وقد ظهر فيها قادة وعلماء، منهم كعب بن سوار بن بكر الذي تولى قضاء البصرة في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، والمهلب بن أبى صفرة الذي كان قائدا لجيوش المسلمين في عهد الدولة الأموية، وفي العصر الحديث إشتهر بها الشيخ صالح بن محمد الكمزاري الشحي، الذى ورد ذكره في كتاب مخاطر الإستكشاف فى الجزيرة العربية لمؤلفه وليام توماس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى