مقال

ولاية الله سبحانه وتعالي.

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ولاية الله سبحانه وتعالي.
بقلم/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، أحمده سبحانه على كل فضل وأشكره على كل نعمة، وأتوب إليه وأستغفره إعلانا وسرا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أحاط بكل شيء خبرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أعلى الناس منزلة وقدرا، وأوصلهم رحما وبرا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بالعفو عن إساءة الخدم وخطئهم، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت، ثم أعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة” رواه أبو داود.

وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى العبيد والخدم، وعدم الاستهزاء بهم، بل وإطعامهم وإلباسهم من نفس طعام ولباس أهل البيت، فعن المعرور بن سويد قال ” لقيت أبا ذر بالربذة وهو موضع قرب المدينة، وعليه حُلة أي ثوب وعلى غلامه حُلة، فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا، فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم أي خدمكم وعبيدكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم” رواه البخاري، ويحدثنا أنس رضي الله عنه وهو خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن رحمته ووصيته صلى الله عليه وسلم العملية بالخدم فيقول.

“كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان، وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال فنظرت إليه وهو يضحك، فقال يا أنيس أذهبت حيث أمرتك؟ قال قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله” رواه مسلم، ويقول أنس رضي الله عنه “خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما سبني سبة قط، ولا قال لي أف قط، ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته” رواه أحمد، ولا شك أن شهادة الخادم لسيده صادقة، وخاصة من رجل كأنس رضي الله عنه، الذي نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأُمة آلاف الأحاديث.

وكان معه كظله، واعلموا يرحمكم الله إن الولاية هي ولاية الله سبحانه وتعالى، وتسمى كذلك بالولاية الأصلية وولاية الآصال والولاية الاستقلالية، لأنها الأصل والمصدر لكل مراتب الولاية الأخرى، والأصل الذي تتفرع منه تلك المراتب، وهي الولاية التي يستقل العقل بالقول بها وفرضها وإنشائها والاعتقاد بها، ويؤمن بها حتى لو لم يكن هناك نصّ ديني، والنصوص الدينية عليها مؤكدة لتأسيسه، وليست مؤسسة لأمر جديد، فالأصل يقتضي أن لا ولاية لأحد على أحد، ثم يُخصص هذا الحكم العقلي العام بمخصصات عقلية أخرى تقضي بولاية الله على البشر لأنه الخالق، فله الولاية على خلقه، ولأنه المنعم، فله ولاية على من أنعم عليهم، وشكر المنعم التام يقتضي تلك الولاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى