غير مصنف

من رأى منكم منكرا فليغيره

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن من رأى منكم منكرا فليغيره
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد إن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يحب العمل الإيجابي من كل أحد، فكثيرا ما كان يوجه كلامه إلى الأفراد كقوله صلي الله عليه وسلم ” من رأى منكم منكرا فليغيره بيده” رواه مسلم وقوله صلي الله عليه وسلم “بلغوا عني ولو آية” رواه البخاري، وقوله صلي الله عليه وسلم ” تبسمك في وجه أخيك صدقة” رواه الترمذي.

وقوله صلي الله عليه وسلم “سلم على من عرفت ومن لم تعرف ” رواه البخاري، ولقد كان من النتائج المبهرة التي ورثتها هذه التربية النبوية، أن خرج القادة والخلفاء والوزراء والعلماء وخرج الجنود والمرابطون، يتسابقون في البذل والعطاء والتضحية والفداء، لعلمهم أن المرء يهيئ لنفسه مقعدا في الجنة، وإن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه يتقدم فيقول يا رسول الله اسألك مرافقتك في الجنة ؟ فيقول صلي الله عليه وسلم له ” أعني على نفسك بكثرة السجود” رواه الترمذي، ويتقدم آخر فيقول يا رسول الله ” ليس بيني وبين الجنة إلا أن أقتل؟ ” رواه مسلم، فيمضي يقاتل يطلب الشهادة ليستعجل دخول الجنة ويعلن علي رضي الله عنه عن أشواقه وأعظم ما يتمنى فيقول “الضرب بالسيف والصوم بالصيف وإكرام الضيف”

وقل مثل هذه الأشواق ما تمناه أبو بكر وعمر وعثمان وبقية صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة الإيجابية، وهذا رجل ضرب أروع الأمثلة في الإيجابية، حيث يروى أن مسلمة بن عبد الملك كان في جملة من الجند يحاصرون إحدى قلاع الروم، وكانت محصنة والدخول إليها صعبا إلا من نقب فيها تخرج منه أوساخ المدينة، فوقف مسلمة ينادي في الجند من يدخل النقب ويزيح الصخرة التي تحبس الباب ويبكر حتى ندخل، فقام رجل قد غطى وجهه بثوبه وقال أنا يا أمير الجند ودخل النقب وفتح الباب ودخل الجند القلعة فاتحين وبعدها وقف مسلمة بين الجند ينادي على صاحب النقب حتى يكرمه على ما فعل، وكان يردد من الذي فتح لنا الباب؟ فما يجيبه أحد فقال أقسمت على صاحب النقب أن يأتيني في أي ساعة من ليل أو نهار.

فطرق باب مسلمة طارق ليلا، فيلقاه مسلمة مستبشرا، أنت صاحب النقب؟ فقال الطارق هو يشترط ثلاثة شروط حتى تراه، قال مسلمة وما هي؟ قال ألا ترفع اسمه لدى الخليفة ولا تأمر له بجائزة ولا تنظر له بعين من التمييز، قال مسلمة أفعل له ذلك، فقال الطارق أنا صاحب النقب وانصرف وترك جيش مسلمة ذاهبا إلى سد الثغور في أماكن أخرى ويذكر أن مسلمة كان يدعو بعدها قائلا في سجوده اللهم احشرني مع صاحب النقب” فهناك أمثلة كثيرة لمبدأ الإيجابية عند الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والصالحين رضي الله عنهم أجمعين، فاللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادَك المؤمنين، اللهم انصر من نصر هذا الدين، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين والمنافقين، يا رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى