مقال

الإنحدار والميل عن الاستقامة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإنحدار والميل عن الاستقامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 28 ديسمبر

الحمد لله مُعزّ من أطاعه واتقاه ومُذل من خالف أمره وعصاه وفّق أهل طاعته للعمل بما يرضاه، وحقق على أهل معصيته ما قدره عليهم وقضاه، أحمده سبحانه على حلو نعمه ومر بلواه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ونبيه ومصطفاه فطوبى لمن والاه وتولاه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده، وكان هواهم تبعا لهداه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد يتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيجابية فيقول ” إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها” رواه أحمد، فإن الإيجابية أصل عظيم من أصول الإسلام، وهي ميزة عظيمة ميز الله تعالى بها المسلم، فالإسلام يدعو إلى إيجابية الفرد نحو نفسه ونحو المجتمع.

ونرى هذا الأصل العظيم فى القرآن الكريم ففى سورة العصر التى قال عنها الإمام الشافعى لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم وذلك لأنها تجمع الدين كاملا حيث قال تعالى ” والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” فهى توصى بإيجابية الفرد نحو نفسه ونحو من حوله، والقرآن الكريم به الكثير من الآيات التي توجه إلى التمسك والتحلي بهذا السلوك والتمسك بهذه القيمة، فالله سبحانه وتعالى ميز هذه الأمة بالإيجابية فالمسلم لا يقف من الأحداث موقف المتفرج، وإننا لا نبالغ إذا قلنا أن الإيجابية هي الحياة أو هي الدين كله فالدين لم يقم في أرضه علي السلبية والخمول والتقاعس والكسل، وإنما قام علي الإيجابية وإن شئت فقل الذاتية منذ أن خاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم.

فإياكم والزيغ فإن الزيغ هو مرض من أمراض القلب التي بدأَت في طريق الانحدار، وهو بمعنى التمايل، يعني الميل عن الاستقامة، وقد ذكرت المادة في ثمان مواضع من كتاب الله تعالى، وارتبطت بالقلب في أربعة أمور، منها مثلا قوله تعالى كما جاء فى سورة آل عمران” ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا” ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة “يا أم سلمة، ما من آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، ما شاء أقام، وما شاء أزاغ” وأيضا غل القلب، وقد وردت هذه المادة في القرآن الكريم، في مثل قوله تعالى كما جاء فى سورة الحشر” ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم” وورد الغل بمعنى الغش، والعداوة، والضغن، والحقد، والحسد، والدغل، والنفاق، والحقد الكامن، والخيانة والشر.

وهذه أمراض الصدور عندما تمكن تتخلل القلب بلطف، حتى تتمكن منه وتصبِح صفة يوصف بها القلب، ولذا ورد في الحديث ” ثلاث لا يُغل عليهن قلب مسلم أبدا، إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم” وأيضا هناك القلب الغليظ، والغلظ هو مرض آخر من أمراض القلوب، قد ذكره الله في محكم بيانه، منزها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول الله عز وجل كما جاء فى سورة آل عمران ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر ” والغلظة ضد الرقة في الخلق والطبع والفعل والمنطق والعيش، فهي قسوة وشدة واستطالة ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم “ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدّادين، عند أصول أذناب الإبل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى