دين ودنيا

الدكروري يكتب عن أساس النظرة التوحيدية

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأحد الموافق 31 ديسمبر

الحمد لله أنشأ الكون من عدم وعلى العرش استوى، أرسل الرسل وأنزل الكتب تبيانا لطريق النجاة والهدى، أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا حصر لها ولا منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرتجى، ولا ند له يبتغى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى، ثم أما بعد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه “أن رجلا قال يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال صلى الله عليه وسلم “هي في النار” قال يا رسول الله إن فلانة يذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها، ولكنها لا تؤذي جيرانها بلسانها، فقال صلى الله عليه وسلم “هي في الجنة”

ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ” وإن العبد المؤمن ليحبط عمله بسوء خلقه، فالله الله عباد الله إياكم وسوء الخلق، فإن الغاية من الأعمال الصالحة تتميم مكارم الأخلاق، واعلموا يرحمكم الله أن الأصل على أساس النظرة التوحيدية، أن الله تبارك وتعالى هو المالك الأصلي، ونحن جميعا مستخلفون من قبله، وكل نوع من التصرف دون إجازته ورضاه فهو قبيح وغير مقبول، ونحن نعلم أن الله لم يأذن بالإِسراف ولم يأذن بالبخل، وإن من سمات عباد الرحمن وهى التوحيد الخالص الذي بيعدهم عن كل أنواع الشرك والثنوية والتعددية في العبادة، فيقول تعالى ” والذين لا يدعون مع الله إلها آخر” فقد أنار التوحيد آفاق قلوبهم وحياتهم الفردية والإجتماعية.

وانقشعت عن سماء أفكارهم وأرواحهم ظلمات الشرك، وكذلك طهارتهم من التلوث بدم الأبرياء، فيقول تعالى ” ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق” ويستفاد هنا أن جميع الأنفس الإنسانية محترمة في الأصل، ومحرم إراقة دمائها إلا إذا تحققت أسباب ترفع هذا الإحترام الذاتي فتبيح إراقة الدم، وأيضا من سمات عباد الرحمن، هو أن عفافهم لا يتلوث أبدا حيث يقول تعالى ” ولا يزنون” فإنهم على مفترق طريقين الكفر والإيمان، فينتخبون الإيمان، وعلى مفترق طريقين الأمان واللاأمان في الأرواح، فهم يتخيرون الأمان، وعلى مفترق طريقين، الطهر والتلوث، فهم يتخيرون النقاء والطهر، وإنهم يهيئون المحيط الخالي من كل انواع الشرك والتعدي والفساد والتلوث، بجدهم واجتهادهم، ويقول الله تعالى ” ومن يفعل ذلك يلق أثاما”

فقال بعضهم إن كلمة إثم بمعنى الذنب وآثام بمعنى عقوبة الذنب، فإذا رأينا أن بعض المفسّرين ذكروها بمعنى صحراء أو جبل أو بئر في جهنم، فهو في الواقع من قبيل بيان المصداق، ومن الملفت للنظر في الآية الكريمة أنها بحثت أولا في مسألة الشرك، ثم قتل النفس، ثم الزنا، ويستفاد من بعض الروايات أن هذه الذنوب الثلاثة تكون من حيث الأهمية بحسب الترتيب الذي أوردته الآية، وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم؟ قال “أن تجعل لله ندا وهو خلقك” قال قلت ثم أَي؟ قال “أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك” قال قلت ثم أي؟ قال “أن تزاني حليلة جارك” فأنزل الله تصديقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى