مقال

الدكروري يكتب عن المسؤول الأول والأخير عن الأسرة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المسؤول الأول والأخير عن الأسرة
بقلم / محمـــد الدكــروري
اليوم : الجمعة الموافق 5 يناير 2024

الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أما بعد إن من صور الظلم الواقعة من بعض الآباء تجاه أبنائهم الكبار هو الفهم الخاطئ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “أنت ومالك لأبيك” فيظن الأب أن على أبنائه أن يعطوه كل أموالهم، وأن يسلموه جميع أتعابهم وجهودهم، وأنهم ليس لهم من المال أي شيء، ويجب على كل واحد منهم أن يأتي بكل ما عنده، فيضعه بين يديه، وهو فقط من يتصرف في هذه الأموال، وكأنهم لا حاجة لهم في شيء، حتى في الإحتياجات الخاصة التي يحتاجها الواحد منهم لنفسه أو لزوجته وأولاده.

وهذا خطأ واضح نتج عنه آثار اجتماعية وأخلاقية، فكم من أبناء يرون أنفسهم محرومين من أشياء ضرورية بسبب تسلط أبيهم على أموالهم وتصرفه وحده فيها، وربما تمنى بعضهم موته بسبب هذا الشح والتسلط منه تجاههم، فإذا مات فعلا صاروا من أكبر المبذرين والمتلاعبين بهذه الأموال التي يرون أنهم كانوا محرومين منها، فيريدون التعويض عن سنوات القهر والحرمان التي عاشوها، فإياكم إياكم أيها الآباء أن تكونوا سببا لوصول الأبناء لهذا الحال الخاطئ بداية ونهاية، ومن الخطأ في التربية عند بعض الآباء هو معاملة أبنائه بأساليب يرى هؤلاء الأبناء أنها لا تناسب عصرهم، ولا توازي حياتهم، فيرون أن أباهم يريد أن يحرمهم من أشياء هي من متطلبات العصر، والأب العاقل لا ينبغي له أن يحرم أبناءه من بعض المتطلبات العصرية.

التي لا تخالف الدين، وليس فيها محذور شرعي كأن يمنع الأب ابنه من المشاركة في شيء من الفعاليات الاجتماعية، أو يحول بينه وبين شراء بعض الأشياء التي تعد اليوم من الأشياء الضرورية، وكما أن من خطأ الآباء في تعاملهم مع أبنائهم هو مخالفة إجماعهم وعدم التنازل لهم، والتمسك بالرأي حتى ولو كان خطؤه ظاهرا، فيظل الأب مستمسكا برأيه مصوبا له، رغم مخالفة الجميع له في الرأي، فيقع الأبناء في الحرج فإما أن يخالفوا أمره، فيشعروا بالذنب، وإما أن يطبقوا قوله وهم له كارهون، فيشعروا بفعل الخطأ البيّن، وكلاهما في نظرهم مُرّ، وينبغي على الأب أن يكون سهلا إذا أجمع جميع من في البيت على رأي حتى لا يكون في ذلك إرهاق لهم ومشقة عليهم، ونجد أن بعض الآباء يغلب مع أبنائه جانب المعاملة القاسية.

وتراه كثيرا ما يستخدم معهم الأسلوب الفظ والكلمات الجارحة، والعبارات المؤلمة التي تشعرهم بالهوان وعدم الاعتبار، وتجعلهم يرون في أبيهم الشدة والغلظة التي تجعلهم يتحسسون في أنفسهم منه، وينفضون من حوله، ويتهربون عن مجالسته، ويخشون من إبداء آرائهم في حضرته، ويخافون من مجرد الكلام في ظل وجوده، وكل هذا أسلوب نهى الله عنه وحذر مربي البشرية عليه الصلاة والسلام منه، وبعض الآباء يعامل أبناءه الكبار معاملة الأطفال الصغار، فلا يثق بهم ولا يحمّلهم شيئا من المسؤوليات، ولا يمنحهم شيئا من التصرفات لأنهم في نظره مجرد أولاد لا يراعون ولا يأبهون، وأنه يجب أن يكون هو المسؤول الأول والأخير عن كل صغيرة وكبيرة في البيت، وما عليهم إلا أن يتبعوه فقط.

وليس لهم من الأمر شيء، ولا من الرأي رأي، حتى وصل الحال ببعض الآباء ألا يثق بأحد منهم حتى في شراء حاجات البيت، فهو فقط من يشتري الحاجات، وهو فقط من يقود السيارة، وهو فقط من يتولى جميع المهمات، وهذا الأسلوب ينتج عنه شعورهم بأن آبائهم هم السبب في تجهيلهم وعدم الثقة فيهم، ومن ثم مطالبتهم بالاستقلالية وحرية التصرف في كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى