مقال

السموم التي تجر إلى المعاصي

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن السموم التي تجر إلى المعاصي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 3 فبراير 2024

الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد إن الفطرة السليمة لتأبى التفريط في العقل، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم في حادث الإسراء، أنه قال “وأتيت بإناءين، في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر، فقيل لي خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن، فشربت، فقيل لي هُديت الفطرة، أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك” وإن الخمر التي كانت من مفاخر الجاهلية ومن تقاليدهم المألوفة، جاء الإسلام بإلغائها، وخلص الجماعة المسلمة من رواسب الخمرة، بعد أن رسخ دعائم التوحيد والعقيدة في نفوسهم.

وأخرجهم من عبادة العباد وعبادة الشهوة والجسد إلى عبادة الله وحده، وإن رذيلة المخدرات والمسكرات آفة خبيثة، لم تفش في عصر من العصور كما فشت في عصرنا الحاضر، شنها أعداء الإسلام على جميع بلاد المسلمين، بهدف تخديرهم، وإهدار طاقاتهم، وشل جهودهم وعقولهم ومحاربة دينهم، ولقد قام أعداء الإسلام، بزج كميات مخيفة من جميع أصناف المخدرات، إلى بلاد المسلمين حسدا من عند أنفسهم وحقدا، ووقع جمع من الناس في براثنها، ورضعوا من أثداء المخدرات والمسكرات فنقضوا في بناء الأسر والمجتمعات، كم من الآلاف في أمتنا بين مروجين ومدمنين، يعكفون على المسكرات والمخدرات، ويهلكون أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم عن طريق هذه السموم الفتاكة التي تحمل أضرارا كثيرة.

عدّ منها أهل العلم أكثر من مائة وعشرين مضرة في الدين والدنيا، وهذه المخدرات تخامر العقل وتخطيه فهي داخلة في تحريم الخمور لأنها تعمل عملها، وهي لا تقل تحريما ولعنة عن الخمور المسكرة بل هي أسوأ، وخاصة ما تسببه من قوة في الإدمان وجلب للأمراض، وقد تكلم الفقهاء عنها منذ أن ظهرت بوادرها، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ” إن الحشيشة حرام، يحد متناولها كما يحدّ شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر، من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخنث ودياثة، وغير ذلك من الفساد، وأنها تصد عن ذكر الله ” وإن البعض يبدأ في مستنقع الخمور والمخدرات بتشجيع من رفقاء سوء أو تحد أو حب استطلاع فإذا وقع في هذا المستنقع صعب عليه الخروج، فبعضهم يدمن من أول مرة ويصبح أسيرا لهذه السموم.

والمتعاطي لهذه السموم تصبح شغله الشاغل وينسى ما عداها من أمور دنياه وآخرته، وصدق الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم حينما قال “مدمن الخمر كعابد وثن” ويعني تصبح همه وتفكيره وشغله الشاغل في ليله ونهاره، وهذا الخمر والمسكر وهذه السموم تجر إلى المعاصي الأخرى، يقول ذو النورين عثمان رضي الله عنه محذرا “فاجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، وإنه والله لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل، إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر” ويقول الحسن البصري رحمه الله “لو كان العقل يشترى، لتغالى الناس في ثمنه، فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده” فاللهم جنبنا الخبائب، واجعلنا من التوابين والمتطهرين، أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى