مقال

الإستيحياء من الله حق الحياء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإستيحياء من الله حق الحياء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 14 فبراير

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا شكل ولا صورة له ولا جسد ولا أعضاء له ولا حيز ولا مكان له ولا كمية ولا كيفية له ولا جوارح ولا أدوات له هو الله الخالق القادر المنزه عن صفات خلقه وهو القائل عن نفسه “ليس كمثله شىء وهو السميع البصير” وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيّا من أنبيائه، الصلاة والسلام عليك سيدي يا علم الهدى يا رسول الله أنت طب القلوب ودواؤها.

وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها، فاللهم صلي وسلم وبارك وأعظم على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين، لقد أخرج الترمذي في سننه عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أنه قال “استحيوا من الله حق الحياء” فقالوا إننا نستحيي والحمد لله، فقال عليه الصلاة والسلام “ليس ذلك ولكن الاستيحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء” وإن تعجب فعجب لأناس خلقهم ربهم بقدرته، ورزقهم برحمته، ودبّر شؤونهم في هذا الوجود بحكمته، ورعاهم في الدنيا برعايته.

وأرسل إليهم خاتم النبيين وإمام المرسلين صلوات الله وسلامه عليه ليعرفوا أحكام دينه وشريعته، ثم بعد ذلك لا يستحيون من مولاهم حق الحياء، ولهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل، ولو أنصفوا إلى أنفسهم وإلى مجتمعهم، وأدركوا مزايا هذا الخلق الكريم، لتمسكوا به، ولصدرت أفعالهم عنه، ولعاشوا غرّة في جبين الزمان، وأدركوا ما أدركه أسلافهم من مجد عظيم، أشاد به المؤرّخون، كلما قلبوا صفحات التاريخ الإسلامي، في عصوره المشرقة، وأيامه النضرات لأن من حفظ الرأس وما وعى، فلم ينظر بعينه إلى محرّم، بل يشاهد ملكوت السموات والأرض ليمتلئ قلبه إيمانا بالله القوي القادر، الذي خلق فسوّى، وقدّر فهدى، وأخرج المرعى.

فجعله غثاء أحوى، ورفع السموات بغير عمد، وزينها بالشمس والقمر والنجوم والكواكب، وسخر الليل والنهار، كل منهما يجري إلى أجل مسمى، وسخر الفلك والمراكب تسير في البحر بأمره، وخلق الخلق وأحصاهم عددا، وقسّم الأرزاق ولم ينسي أحدا، وأنزل من السماء ماء القطر والمطر، فأنبت به في الأرض من كل زوج وصنف حسن بهيج، ولم يستمع بهما إلا لما يرضي مولاه، وما ينفعه في دينه ودنياه، ومما يسير به قدما نحو مدارج السعادة والرفاهية، ولزاما على كل إنسان ألا يستعمل لسانه في معصية، كغيبة وسب وشتم، وتلفظ بالكلمات النابية، والألفاظ الشنيعة، وسوى ذلك مما يغضب الله الواحد القهار، بل يستعمله في الحدود الشرعية، وما يقربه من ربه كقراءة القرآن.

والذكر، والتوبة، والاستغفار، والتعبير عما يريد ويجول بخاطره، من كل ما فيه نفع له، ولمن يساكنهم ويعيشون معه على ظهر الكرة الأرضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى