مقال

إغتنام النفحات والمسارعة في الطاعات  بقلم / السيد الباز السيد

جريدة الاضواء

إغتنام النفحات والمسارعة في الطاعات  بقلم / السيد الباز السيد

متابعة / صبري الحصري  يقول المولي عز وجل {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ولنقتدي في المسارعة إلى فِعلِ الخيرِ بالرسلِ الكرام والأنبياءِ العظام الذين وصفهم الله بالمسارعةِ فقال تعالى {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} لنعلم أن العُمرَ قصير والحياةَ محدودة والأيامَ تمرُّ مسرعة ولا فرصةَ للعملِ بعدَ الموت وإنما ميدانُ العملِ وفرصتُه هي هذه الحياة الدنيا فقط فالهِمّةَ الهِمّة باغتنام الأوقاتِ في الأعمال الصالحات. فإن كنتَ في صحةٍ وفراغٍ فاعلمْ أنّكِ في نعمةٍ عظيمة فاحذر أن تُغبنَ فيها وتخرج منها بالصفقةِ الخاسرة قال ﷺ : “نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصحةُ والفراغ” فاعمر فراغَك بالعمل الصالح قبل أن تزدحمَ عليك الأشغالُ فتنسى آخرتَك بشُغلِ دنياك. واغتنم صحتك باستعمالِها في الطاعاتِ والقربات قبلَ أَنْ يَفْجأكَ المرضُ فتعجزَعن كثيرٍ من الخير الذي كنتَ تقدرُ عليه أيامَ صحتك. إن كنت شاباًّ فزين شبابَك بطاعة الله؛ فإن مرحلة الشباب ما هيَ إلا ثوبٌ تلبسُه ثم قريباً تخلَعُه إذا مد الله لك في الأجل وتلبسُ بعدَه ثوبَ الشيخوخةِ والكِبَر فتضعف وتعجز عما كنتَ قادراً عليه أيامَ شبابَك. وإن كنتَ مُمَتّعاً بعقلك وإدراكك فاستغلَّ هذا النورَ بالعلمِ النافعِ والعملِ الصالح قبل أن ينطفئ نور عقلك أو يضعفَ بسببِ الهَرَم أو المرض. وإن كنتَ تعيش في بلدٍ آمن فاستغلَّ الأمنَ والسكينةَ والطمأنينةَ في الإيمانِ والعملِ الصالح؛ فإنّ البلادَ إذا ابتليتْ بالفتنِ طاشتِ العقولُ، وأَذْهَلَها الاختلافُ وتغيرُ الأحوال وسفكُ الدماء وهتكُ الأعراض وسلبُ الأموال، فيُشْغَلُ أكثرُ الناسِ في الفتنةِ عن فعلِ الخيرِ فضلاً عن المسارعة إليه. ونري هذا جليا التي نزع عنها الإرهاب ثوب الأمن ورداء الأمان. إن هذ العوارضَ التي تحولُ بينَ الناسِ وبينَ فعلِ الخيرِ قدْ تصيبُنا في أيِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياتِنا؛ لذلك أَمَرَنا النبيُّ ﷺ أن نُسارِعَ إلى الأعمالِ الصالحة قبل أن يَفْجَأَنَا شيءٌ منها قال ﷺ «اغتنمْ خمْساً قبلَ خمسٍ شبابَكَ قبلَ هَرَمِك وصحّتَكَ قبلَ سَقَمِك وغِناكَ قبلْ فقرِك، وفراغَكَ قبلَ شُغْلِك، وحياتَكَ قبلَ موتِك» رواه ابن أبي الدنيا وقال ﷺ «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم. واعلموا أنّ أَولى الأَشْهُرِ بالمسارعة فيها إلى الخيرِ واغتنام ِكل لحظاتِه شهرُ رمضان فإنه موسمٌ عظيمٌ من مواسمِ التجارةِ مع الله. لِعَظَمِ أرباحِه فإنه شهرٌ تُضاعفُ فيه الحسنات وتُكفّر فيه السيئات وتُرفع فيه الدرجات وتُفتّحُ فيه أبوابُ الجنات وتُغلّقُ فيه أبوابُ النار وتصفّدُ فيه مَرَدَةُ الشياطين ويَكْثُر فيه عتقُ الرقابِ من النار فيالَه من موسمٍ عظيم. فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) رواه مسلم. وكان يحيي فيها الليل كله بأنواع العبادة من صلاة وذكر وقراءة قرآن تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله ، وجَدَّ وشدَّ المئزر) رواه مسلم.  نسأل اللهَ تعالى أن يَستعملَنا في طاعته، وأن يباعدَ بيننا وبينَ معصيتِه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى