مقال

حياة النبي بين الوضوح والصدق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حياة النبي بين الوضوح والصدق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 20 فبراير 2024

الحمد لله المستوجب لصفات المدح والكمال والمستحق للحمد على كل حال، لا يحصي أحد ثناء عليه بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه بأكمل الثناء وأحسن المقال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى به الناس من الضلال، ووضع عنهم الآصار والأغلال، فصلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ثم أما بعد، لقد كان النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أول من امتثل تلك الأخلاق وعمل بها، ومن تلك الأخلاق الرفيعة للنبي صلى الله عليه وسلم هو الصدق في الأقوال والأفعال، فهو الذي اتصف بذلك الخلق العظيم، وشهد بذلك أعداؤه قبل أصحابه، وقد كان يسمى قبل البعثة بالصادق الأمين.

بل إن كل حياته وضوح وصدق، حتى مع أعدائه الذين آذوه وأرادوا أسره وقتله، ومن الأخلاق العالية للنبي صلى الله عليه وسلم هي السماحة والعفو، فقد غزا النبي صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فلما كانوا في الطريق راجعين استراحوا في الظهيرة، فنام النبي صلى الله عليه وسلم تحت ظل شجرة وعلّق بها سيفه، ونام الصحابة رضي الله عنهم فإذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو صحابته وإذا عنده أعرابي فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن هذا اخترط عليّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال من يمنعك مني؟ قلت الله، ثلاثا، فسقط من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيفَ، فقال للأعرابي “من يمنعك مني؟” فقال كن خير آخذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم.

“تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟” قال لا، ولكني أعاهدك ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فأتى الرجل أصحابَه فقال لهم جئتكم من عند خير الناس” رواه البخاري ومسلم، فانظروا إلي شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يغفل في تلك اللحظة عن القيام بدعوته للإسلام وإستغلال الموقف، فيقول صلي الله عليه وسلم للرجل ” تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟” ولم يكرهه على الإسلام، ولم يقتله ولم يعاقبه بأي عقوبه، ليعود هذا الرجل سالما ينادي أصحابَه ليعطيهم درسا عمليا في سمو أخلاق هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، وعن أنس رضي الله عنه قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني وهو نوع من اللباس غليظ الحاشية.

فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال يا محمد مُر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء” رواه البخاري، وهذه هي رحمة الإسلام ونبي الإسلام، وكما كان من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم هو الجود والعطاء والبذل، فقد روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال أي قوم أسلموا فوالله إن محمدا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر، فقال أنس رضي الله عنه وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها، ويعني أن هذا فيه تأليف القلوب للدخول في الإسلام والثبات عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى