مقال

قبلة بيت المقدس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قبلة بيت المقدس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 23 فبراير 2024

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن حادثة تحويل القبلة من المسجد الأقصي إلي المسجد الحرام، وأن من الدروس المستفادة من تحويل القبلة هو التربية للصف المسلم، فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم، ويعدونه عنوان مجدهم القومي، فأراد الإسلام استخلاص القلوب لله وتجريدها من كل نعرة وكل عصبية غير الإسلام كالأرض، والتاريخ، والعنصرية، فكما أسلم المسلمون وجههم إليها، وقد كان اليهود بعد الهجرة يتخذون هذا الوضع حجة لهم.

فصدر الأمر الإلهي بالإتجاه إلى المسجد الحرام، ولكن ربط قلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام، حقيقة أن هذا البيت بناه إبراهيم عليه السلام وإسماعيل، أما عن سبب الموقف وعلَّة التحول، فهو تجرد القلوب، واصطفاء النفوس، وإجتباء الأرواح، واستقلال التوجهات، يبيّن الله تعالي الناسي من الذاكر، والجاحد من الشاكر، والمؤمن من الكافر، والمصلح من المفسد، والكاذب من الصادق، والمتردد الخوار مِن الثابت المغوار، وكما أراد الله عز وجل أن يجرّد القلوب من العوالق إلا لله، وأن يصفّيها من الجواذب إلاّ لدين الله تعالي، وكما أن من الدروس المستفادة من تحويل القبلة هو صراع عداء لا جهل، حيث قال تعالى في معرض حديث الآيات عن القبلة ” ولئن آتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك”

فكثير من طيبي القلوب يظنون أن الذي يصد اليهود والنصارى عن الإسلام، أنهم لا يعرفونه، أو لأنه لم يقدم اليهم في صورة متقنة، وهذا ربما ينطبق على صغارهم، لكن كبارهم لا يريدون الإسلام لأنهم يعرفونه، فهم يخشونه على مصالحهم وعلى سلطانهم، وهم دائما كما قال الله تعالى ” ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك” فإنهم لن يقتنعوا بأي دليل لأن الذي ينقصهم ليس هو الدليل، إنما هو الإخلاص والتجرد من الهوى والإستعداد للتسليم بالحق إذا استبانوا طريقه، وهنا ندرك أصالة العدوان اليهود للإسلام والمسلمين، فقد شنوا حربا إعلامية ضارية في أعقاب حدث تحويل القبلة، ولقد فُتن ضعاف الإيمان كما فُتن إخوانهم في حادث الإسراء والمعراج، وإن المتأمل لآيات تحويل القبلة وهي ترد شبهات اليهود.

يتبين له مدى ضراوة الحرب الإعلامية والفكرية التي شنها اليهود، وهكذا خاب وخسر من جرى يلهث في عصرنا خلف اليهود، وخاب وخسر من تمسح باليهود في تطبيع، فاتقوا الله تعالى واعلموا أنه ينبغي الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به في جميع أعماله، وأقواله، وجدّه واجتهاده، وجهاده وزهده وورعه وصدقه وإخلاصه إلا في ما كان خاصّا به، أو ما لا يُقدر على فعله، لقوله صلى الله عليه وسلم “خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يملّ حتى تملوا” ولقوله صلى الله عليه وسلم “ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم” فاللهم إنا نشهد بأننا نحبك ونحب نبيك صلى الله عليه وسلم، فاللهم ارزقنا اتباعه والتأسي به والاقتداء بهديه، اللهم لا تحرمنا شفاعته يوم العرض عليك، اللهم اجعلنا من زمرته، واجعلنا من أنصار دينه الداعين إلى سنته المتسكين بشرعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى