مقال

أول سامع وأول مبلّغ

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أول سامع وأول مبلّغ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 24 فبراير 2024

الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن فضل العلم أشهر من أن يذكر فهو أفضل مكتسب وأشرف منتسب وأنفس ذخيرة تقتنى وأطيب ثمرة تجتنى وبه يتوصل إلى الحقائق وبواسطته يدرك رضا الخالق، فعن قيس بن كثير قال كنت مع أبي الدرداء رضي الله عنه في مسجد دمشق فجاء رجل فقال يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

في حديث بلغني أنك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما كانت لك حاجة غيره ؟ قال لا، قال ولا جئت لتجارة ؟ قال لا، قال ولا جئت إلا فيه ؟ قال نعم، قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر ” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وإن العلم علامة على إرادة الله الخير للعبد، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين” رواه البخاري ومسلم، فالعلم وما أداركم ما العلم لا يفتقر كاسبه ولا يخيب طالبه ولا تنحط مراتبه وحامله الصائن له عن الأدناس عزيز عند الناس وهو نور زاهر لمن استضاء به وقوت هنيء لمن تقوت به ، ترتاح به الأنفس إذ هو غذاؤها وتفرح به الأفئدة إذ هو قواها، وإن طلب العلم لا غنى عنه لأي شاب يريد عبادة ربه تبارك وتعالى على بصيرة والاستقامة على دينه فضلا عمن يريد الدعوة إلى دينه، ولقد كان شباب الصحابة رضي الله عنهم يدركون أهمية العلم وفضله، ولذا حفظت لنا سيرهم المواقف العديدة من حرصهم على العلم وعنايتهم به، فها هو عبد الله بن الحارث رضي الله عنه يقول أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لا يبول أحدكم مستقبل القبلة “

وأنا أول من حدّث الناس بذلك، وهذا نموذج من المبادرة إلى سماع العلم وتبليغه وهو حين يكون أول سامع وأول مبلّغ فإن ذاك لم يكن في مجتمع غافل لاهي بل في مجتمع العلم والعلماء، وكان عمرو بن سلمة رضي الله عنه وهو من صغار الصحابة حريصا على تلقي العلم فكان يتلقى الركبان ويستفتيهم ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه كلهم وتأهل لإمامتهم ويقول رضي الله عنه عن نفسه كنا على حاضر وكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدنو منهم فأسمع حتى حفظت قرآنا وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتح مكة فلما فتحت جعل الرجل يأتيه فيقول يا رسول الله أنا وافد بني فلان وجئتك بإسلامهم فانطلق أبي بإسلام قومه فرجع إليهم وقال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قدّموا أكثركم قرآنا ” قال فنظروا وإني لعلى حواء عظيم فما وجدوا فيهم أحدا أكثر قرآنا مني فقدموني وأنا غلام ” رواه أحمد، والحواء هو بيوت مجتمعة من الناس على ماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى