مقال

تقلب قلوب العباد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تقلب قلوب العباد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 25 فبراير 2024

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد يقول النبي صلي الله عليه وسلم مبينا شدة تقلب قلوب العباد “لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا اجتمعت غليانا” رواه أحمد، وقد قيل وما سمي الإنسان إلا لنسيه ولا القلب إلا أنه يتقلب، وهذا هو ثبات عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، فذكر شيخ الإسلام ابن كثير وغيره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث جيشا لحرب الروم، وكان من ضمن هذا الجيش شاب من الصحابة.

هو عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، وطال القتال بين المسلمين والروم، وعجب قيصر ملك الروم من ثبات المسلمين وجرأتهم على الموت، فأمر أن يحضر إليه أسير من المسلمين، فجاؤوا بعبد الله بن حذافة يجرّونه، الأغلال في يديه، والقيود في قدميه، فأوقفوه أمام الملك، فتحدث قيصر معه فأعجب بذكائه وفطنته، فقال له تنصّر وأطلقك من الأسر، فقال عبد الله لا، فقال قيصر تنصّر وأعطك نصف ملكي، فقال لا، فقال تنصر وأعطك نصف ملكي وأشركك في الحكم معي، فقال عبد الله والله لو أعطيتني ملكك وملك آبائك وملك العرب والعجم على أن أرجع عن ديني طرفة عين ما فعلت، فغضب قيصر وقال إذن أقتلك، قال اقتلني، فأمر قيصر به فسُحب وعُلق على خشبة، وجاء قيصر وأمر الرماة أن يرموا السهام حوله ولا يصيبوه.

وهو في أثناء ذلك يعرض عليه النصرانية وهو يأبى وينتظر الموت، فلما رأى قيصر إصراره أمر أن يمضوا به إلى الحبس، ثم أُوقف عبد الله بن حذافة أمام قدر، وأحضروا أحد الأسرى المسلمين موثقا بالقيود، حتى ألقوه في هذا الزيت وغاب جسده في الزيت ومات، وطفت عظامه تتقلب فوق الزيت، وعبد الله ينظر إلى العظام، فالتفت قيصر إلى عبد الله وعرض عليه النصرانية فأبى، فاشتد غضب قيصر وأمر بطرحه في القدر، فلما جروه إلى القدر وشعر بحرارة النار بكى ودمعت عيناه، ففرح قيصر وقال تتنصر وأعطك وأمنحك، قال لا، قال إذن لماذا بكيت؟ فقال عبد الله أبكي لأنه ليس لي إلا نفس واحدة تلقى في هذا القدر فتموت، ولقد وددت والله أن لي مائة نفس كلها تموت في سبيل الله مثل هذه الموتة، فقال له قيصر قبّل رأسي وأخلي عنك.

فقال له عبد الله وعن جميع أسارى المسلمين عندك؟ قال نعم، فقبّل رأسه ثم أطلقه مع الأسرى وقدم بهم على عمر، فقام عمر فقبل رأسه، عجبا لله دره، أين نحن اليوم من مثل هذا الثبات؟ فيقول تعالي ” ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” وإن من المسلمين اليوم من يتنازل عن دينه لأجل دراهم معدودات أو تتبع الشهوات أو الولوغ في الملذات، ثم يختم له بالسوء والعياذ بالله من ذلك، ونسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا وإياكم أجمعين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الراحمين، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، اللهم أكرمنا بالجنان والرضوان، وأعذنا من سخطك والنيران، اللهم أكرمنا بجنانك والرضوان، وأعذنا من سخطك والنيران، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى