مقال

الحق في النسب والإنتساب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحق في النسب والإنتساب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 26 فبراير 2024

الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أي الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلاق، اعلم أنه إذا نظرت للحياة بروح مبتسمة حتما ستجدها مثيرة للاهتمام، وتصبح الحياة ذات معنى حينما نجد شيئا نكافح من أجله ونسعى بشغف للوصول إليه، فلا تمضوا في طريق اليأس، ففي الكون آمال، ولا تتجهوا نحو الظلمات، ففي الكون شموس، ولا تجادل بليغا ولا سفيها، فالبليغ يغلبك، والسفيه يؤذيك، ثم أما بعد إن من الحقوق للأبناء هو حق النسب حيث أنه بعد أن ضمن التشريع الإسلامي للطفل الحق في الحياة ضمن له الحق في النسب والإنتساب لأبيه.

حتى لا يكون عرضة للجهالة ومن ثم ضياع حقوق أخرى مثل الإنفاق والإرث، فيقرر الله عز وجل ذلك في قوله سبحانه وتعالي كما جاء في سورة الأحزاب ” ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما” كما حرم الإسلام التلاعب بالأنساب أو محاولة انتساب الابن لغير أبيه، ورتب على ذلك العقاب الشديد، فلقد ثبت أن الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم قال ” من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام” أما بالنسبة للطفل اللقيط أو مجهول النسب فمن الحقوق المقررة له شرعا أن يجعل له إسم يدعى به، ويشترط في هذا الإسم أن يكون إسلاميا لا يتنافى مع أحكام التسمية في الشرع.

والشريعة الإسلامية قررت أن النسب لا يثبت إلا بولادة حقيقية ناشئة من علاقة غير محرمة، لذلك حرم الإسلام التبني تحريما قاطعا ونفى أن يكون التبني سببا لثبوت النسب، لذلك من حق الأطفال أن ينسبوا إلى آبائهم، ويجوز أن يعهد بهم إلى أسر تتولاهم، ويكونوا بمنزلة الأبناء وليس من قبيل التبني، ولقد تبنى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مولاه زيد بن حارثة بعد أن أهدته إليه زوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فكان ينادى زيد بن محمد فنزل القرآن ينفي التبني نفيا مطلقا بقوله تعالي كما جاء في سورة الأحزاب ” ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل”

فإثبات النسب للطفل ليس حقا له وحده ولكنه حق للأب والأم كذلك، وهو أيضا حق لله تبارك وتعالى، فهو حق للأب لأن من حقه صيانة ولده من الضياع ولأنه يترتب على ثبوت نسبه منه حقوق أخرى كحقه في الولاية عليه حال صغره وكحقه في إنفاق ابنه عليه إذا كان محتاجا وكحقه في الإرث من تركته إذا توفي قبله، وهو كذلك حق للأم لأن من حقها أن تدفع عن نفسها تهمة الزنا وأن تصون ابنها من الضياع، كما أنه يترتب على ثبوت النسب للأم حقوق كإرث الولد منها وإرثها منه، وحقها في إنفاقه عليها في حالة عجزها وقدرته على النفقة عليها، فاللهم اغفر لنا ذنوبنا ووسع لنا في دورنا، وبارك لنا فيما رزقتنا، اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت، اللهم إنا نعوذ بك من الهرم والتردي والهدم والغم، والغرق والحرق، ونعوذ بك من أن يتخبطنا الشيطان عند الموت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى