مقال

الدكروري يكتب عن منزلة شجرة التين عند البوذيين

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 27 فبراير 2024

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وتعالي وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن تفسير قول الحق سبحانه وتعالي ” والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين” كما ذكر الثلاثة في التوراة بقوله “جاء الله من طور سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران” ولما كان ما في التوراة خبرا عنها، أخبر بها على ترتيبها الزماني. 

فقدم الأسبق فالأسبق وأما في القرآن، فإنه أقسم بها تعظيما لشأنها وذلك تعظيم لقدرته سبحانه وآياته وكتبه ورسله، فأقسم بها على وجه التدريج درجة بعد درجة، فختمها بأعلى الدرجات، فأقسم أولا بالتين والزيتون، ثم بطور سنين، ثم بمكة لأن أشرف الكتب الثلاثة القرآن ثم التوراة ثم الإنجيل، وكذلك الأنبياء فأقسم بها على وجه التدريج كما في قوله والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا فأقسم بطبقات المخلوقات طبقة بعد طبقة، فأقسم بالرياح الذاريات ثم بالسحاب الحاملات للمطر فإنها فوق الرياح، ثم بالجاريات يسرا، وقد قيل إنها السفن، ولكن الأنسب أن تكون هي الكواكب المذكورة في قوله فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس فسماها جواري كما سمى الفلك جواري في قوله تعالي. 

” ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام” والكواكب فوق السحاب ثم قال فالمقسمات أمرا وهي الملائكة التي هي أعلى درجة من هذا كله، واستظهر بعض المعاصرين أن قوله تعالى “والتين” يعني به شجرة بوذا وهو مؤسس الديانة البوذية، التي تحرفت كثيرا عن أصلها الحقيقي لأن تعاليم بوذا لم تكتب في زمنه وإنما رويت كالأحاديث بالروايات الشفهية، ثم كتبت بعد ذلك حينما ارتقى أتباعها، ثم قال والراجح عندنا، بل المحقق إذا صح تفسيرنا لهذه الآية أنه كان نبيا صادقا ويسمى سكياموتي، أو جوناما، وكان في أول أمره يأوي إلى شجرة تين عظيمة وتحتها نزل عليه الوحي، وأرسله الله رسولا، فجاءه الشيطان ليفتنه هناك فلم ينجح معه.

ولهذه الشجرة شهرة كبيرة عند البوذيين، وتسمى عندهم التينة المقدسة، وبلغتهم إسمها أجابالا، وقال ففي هذه الآية ذكر الله تعالى أعظم أديان البشر الأربعة الموحاة منه تعالى لهدايتهم ونفعهم في دينهم ودنياهم، فالقسم فيها كالتمهيد لقوله بعده “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” إلى آخر السورة، وقال ولا يزال أهل الأديان الأربعة هم أعظم أمم الأرض وأكثرهم عددا وأرقاهم، والترتيب في ذكرها في الآية هو بإعتبار درجة صحتها بالنسبة لأصولها الأولى، فبدأ تعالى بالقسم بالبوذية لأنها أقل درجة في الصحة وأشد الأديان تحريفا عن أصلها، كما يبدأ الإنسان بالقسم بالشيء الصغير، ثم يرتقي للتأكيد إلى ما هو أعلى، ثم النصرانية وهي أقل من البوذية تحريفا، ثم اليهودية وهو أصح من النصرانية. 

ثم الإسلامية وهو أصحها جميعا وأبعدها عن التحريف والتبديل، بل إن أصولها الكتاب والسنة العملية المتواترة، ولم يقع فيها تحريف مطلقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى