غير مصنف

الحشاشون 

جريدة الاضواء

محمود سعيد برغش  

طائفة الحشَّاشين أو الحشَّاشون أو الحشيشية أو الدعوة الجديدة كما أسموا أنفسهم هي طائفة شيعية إسماعيلية نزارية باطنية، انفصلت عن العبيديين الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري/الحادي عشر ميلادي لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله، واشتهرت ما بين القرن 5 و7 هجري الموافق 11 و13 ميلادي، وكانت معاقلهم الأساسية في بلاد فارس وفي الشام بعد أن هاجر إليها بعضهم من إيران. أسّس الطائفة الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة آلموت في فارس مركزاً لنشر دعوته؛ وترسيخ أركان دولته.

اتخذت دولة الحشاشين من القلاع الحصينة في قمم الجبال معقلاً لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في إيران والشام. ممَّا أكسبها عداءً شديدًا مع الخلافة العباسية والفاطمية والدول والسلطنات الكبرى التابعة لهما كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين بالإضافة إلى الصليبيين، إلا أن جميع تلك الدول فشلت في استئصالهم طوال عشرات السنين من الحروب.

كانت الاستراتيجية العسكرية للحشاشين تعتمد على الاغتيالات التي يقوم بها «فدائيون» لا يأبهون بالموت في سبيل تحقيق هدفهم. حيث كان هؤلاء الفدائيون يُلقون الرعب في قلوب الحكّام والأمراء المعادين لهم، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة جداً في ذلك الوقت؛ مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد.

قضى المغول بقيادة هولاكو على هذه الطائفة في بلاد فارس سنة 1256م حيث قام بمهاجمة الحشاشين واستطاع ان يستولي علي قلعة ألموت وعلي أكثر من 100 قلعة من قلاعهم وإحراق للقلاع والمكاتب الإسماعيلية قبل أن يتجه هولاكو لمهاجمة العباسيين وعاصمتهم بغداد وإحراقها، وسرعان ما تهاوت الطائفة في الشام أيضاً على يد الظاهر بيبرس سنة 1273م. 

 

 المصطلحات”Assassin,Assissini,Heyssessini” والتي صار ينعت فيها الإسماعيلييون النزاريون في سورية الأمر الذي أدّى لظهور اسم جديد دخل إلى اللغات الغربية وهو “Assassin” وأصبح يعني «القاتل»، وقد كانت المخيلة الأوربية خصبة في وصف هؤلاء الحشاشين، وزخرت كتبهم بالكثير من الأساطير حولهم فنجد قصة الرحالة الإيطالي ماركو بولو التي باتت تعرف بـ«أسطورة الفردوس» والذي نقرأ في كتابه في وصف قلعة ألموت ما يلي:

«بأنه كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم شيخ الجبل لأتباعه أن تلك الحديقة هي الجنة، وقد كان ممنوعاً على أيّ فرد أن يدخلها، وكان دخولها مقصوراً فقط على من تقرّر أنهم سينضمون لجماعة الحشاشين. كان شيخ الجبل يُدخِلهم القلعة في مجموعات، ثم يُشرِبهم مخدّر الحشيش، ثم يتركهم نياماً، ثم بعد ذلك كان يأمر بأن يُحملوا ويوضعوا في الحديقة، وعندما يستيقظون فإنهم سوف يعتقدون بأنهم قد ذهبوا إلى الجنة، وبعدما يُشبعون شهواتهم من المباهج كانوا يُخدَّرون مرة أخرى، ثم يخرجون من الحدائق ويتم إرسالهم عند شيخ الجبل، فيركعون أمامه، ثم يسألهم من أين أتوا؟، فيردون: “من الجنة”، بعدها يرسلهم الشيخ ليغتالوا الأشخاص المطلوبين؛ ويعدهم أنهم إذا نجحوا في مهماتهم فإنه سوف يُعيدهم إلى الجنة مرة أخرى، وإذا قُتلوا أثناء تأدية مهماتهم فسوف تأتي إليهم ملائكة تأخذهم إلى الجنة! »

وتجدر الإشارة إلى أن قلعة ألموت قد أُحرِقت سنة 1256م بينما ولد ماركو بولو سنة 1254م فإذا لم يكن قد زارها وعمره سنتين فهو لم يزرها أبداً. كما أن الطبيعة المناخية لقلعة ألموت التي تغطيها الثلوج طيلة 7 أشهر بالسنة يجعلها غير صالحة لزراعة الحدائق الموصوفة في الكتاب. وعلى كل حال فإن مثل هذه القصص المليئة بالمبالغة والخيال نجدها كثيراً عند ماركو بولو. 

التأسيس

طالع أيضًا: قلعة ألموت

حسن الصباح زعيم فرقة الدعوة الجديدة (الحشاشون)

بعد دراسة عقائد المذهب الإسماعيلي في مصر، غادر حسن الصباح القاهرة نتيجة خلافات سياسية.فوصل أصفهان سنة 1081 م. ليبدأ رحلته في نشر تعاليم العقيدة الإسماعيلية، وركّز جهوده على أقصى الشمال الفارسي، وبالتحديد على الهضبة المعروفة بإقليم الديلم واستطاع أن يكسب الكثير من الأنصار في تلك المنطقة.

ولم يكن حسن الصباح مشغولاً فقط بكسب الأنصار لقضيته؛ وإنما كان مشغولاً أيضاً بإيجاد قاعدة لنشر العقيدة الإسماعيلية في كل البلاد للابتعاد عن خطر السلاجقة حيث فضل معقلاً نائياً ومنيعاً وملاذاً آمناً للإسماعيليين، فوقع اختياره على قلعة ألموت. قلعة ألموت هي حصن مقام فوق طنب ضيق على قمة صخرة عالية في قلب جبال البورج، ويسيطر على وادٍ مغلق صالح للزراعة يبلغ طوله ثلاثين ميلاً وأقصى عرضه ثلاثة أميال والقلعة ترتفع أكثر من 6000 قدم فوق سطح الأرض، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر طريق ضيق شديد الانحدار.

أستطاع حسن الصباح من دخول القلعة سرا يوم الأربعاء الموافق 4 سبتمبر 1090م بفضل أنصاره المتخفين داخل القلعة وظل متخفياً داخلها لفترة وجيزة قبل أن يسيطر على كامل القلعة وأخرج مالكها القديم بعد أن أعطاه 3000 دينارا ذهبيا ثمناً لها. وبذلك أصبح سيّداً لقلعة الموت، ولم يغادرها طيلة 35 عاماً حتى وفاته.

وكانوا بهذه الفترة يمثّلون امتداداً للدولة الفاطمية في القاهرة قبل حدوث الانشقاق.

«ألموت.إنه حصن فوق صخرة على ارتفاع ستة آلاف قدم، تحيط به جبال جرداء وبحيرات منسيّة، ولهوب وممرات جبلية غير مُفضِية. وليس في مقدور أكثر الجيوش عديداً الوصول إليه إلا رِجلاً إثر رِجل، ولا أقوى المجانيق ملامسة أسواره. ويبدو حصن ألموت للقاطنين فيه وكأنه جزيرة وسط محيط من الغيوم، وإذا نُظر إليه من تحت فإنه مأوى الجِنْ »

 

الإستراتيجية العسكرية

في سعي حسن الصباح ورفاقه لنشر المذهب الإسماعيلي في إيران، اعتمد على إستراتيجية عسكرية مختلفة عن تلك السائدة في العصور الوسطى. وتمثلت هذه الإستراتيجية في الاغتيال الانتقائي للشخصيات البارزة في دول الأعداء. بدلا من الخوض في المعارك التقليدية التي تؤدي إلى ايقاع الاف القتلى من الجانبين. ولاجل ذلك اسس حسن الصباح فرقة متكونة من أكثر المخلصين للعقيدة الإسماعيلية وسماها ب«الفدائيين».

وكان الفدائيون مدربين بشكل احترافي على فنون التنكر والفروسية واللسانيات والإستراتيجيات والقتل. وكان أكثر مايميزهم هو استعدادهم للموت في سبيل تحقيق هدفهم. وكان على الفدائيون الاندماج في جيش الخصم أو البلاط الحاكم بحيث يتمكنوا من الوصول لأماكن إستراتيجية تمكنهم من تنفيذ المهمات المنوطة بهم. وهناك قصة مثيرة يرويها المؤرخ كمال الدين فيقول ان زعيم الحشاشين سنان راشد الدين في سورية أرسل مبعوثا إلى صلاح الدين الايوبي وأمره ان يسلم رسالته اليه دون حضور أحد فأمر صلاح الدين بتفتيشه وعندما لم يجدوا معه شيئا خطيرا أمر صلاح الدين بالمجلس فانفض ولم يعد ثمة سوى عدد قليل من الناس، وأمر المبعوث ان ياتي برسالته، ولكن المبعوث قال: «امرني سيدي الا أقدم الرسالة الا في عدم حضور أحد» فامر صلاح الدين باخلاء القاعة تماما إلا من اثنين من المماليك يقفان عند رأسه وقال: «ائت برسالتك»، ولكن المبعوث اجاب: «لقد أمرت بالا أقدم الرسالة في حضور أحد على الإطلاق» فقال صلاح الدين:«هذان المملوكان لايفترقان عني، فاذا أردت فقدم رسالتك والا فارحل» فقال المبعوث:«لماذا لاتصرف هذين الاثنين كما صرفت الاخرين؟» فأجاب صلاح الدين:«انني اعتبرهما في منزلة أبنائي وهم وأنا واحد» عندئذ التفت المبعوث إلى المملوكين وسألهما:«إذا امرتكما باسم سيدي ان تقتلا هذا السلطان فهل تفعلان؟» فردا قائلين ‘نعم’، وجردا سيفهما وقالا:«امرنا بما شئت» فدهش السلطان صلاح الدين وغادر المبعوث المكان وأخذ معه المملوكين.

طيلة ثلاث قرون نفذ الفدائيون اغتيالات ضد الأعداء الدينيين والسياسيين للإسماعيلة، وكانت هذه الهجمات تشن غالبا في الأماكن العامة على مراى ومسمع الجميع لاثارة الرعب. ونادرا ما نجا الفدائيون بعد تنفيذ مهامهم، بل انهم لجئوا في بعض الحالات إلى الانتحار لتجنب الوقوع في ايدي الأعداء.

النهج العسكري لدولة الحشاشين كان إلى حدا كبير دفاعيا. فرغم أنتشار الإسماعيليين في المدن إلا أن المعاقل الرئيسية لهم كانت متمثلة في القلاع الحصينة والتي تبنى غالبا فوق قمم الجبال مما يجعلها ملاذا امنا في مواجهة أي غزو محتمل.حيث كان الحشاشون يحرصون على بناء مخازن كبيرة لخزن الماء والطعام داخل القلاع مما يجعلهم قادرين على مواجهة الحصار الطويل. وقد نجحت هذه القلاع في صد أغلب الهجمات الموجهة إليها والصمود لعشرات السنين. 

 

المغول يحاصرون قلعة ألموت ويدخلونها. شكل سقوط ألموت بيد المغول نهاية الحشاشين والقضاء على دويلاتهم تماما.

خلال السنوات الأخيرة من حكم علاء الدين اقترب الإسماعيليون أكثر فأكثر من المواجهة النهائية مع أخطر الأعداء وأكثرهم إرهاباً ورعباً؛ وهم المغول. ففي عام 1218م وصلت جيوش المغول بقيادة جنكيز خان إلى حدود الدولة الخوارزمية وفي عام 1220 م استولى على المدن الإسلامية القديمة في سمرقند وبخارى، وعندما مات في عام 1227م حدثت هدنة صغيرة لم تلبث أن انتهت ليشنّ خليفته هجوماً على الدولة الخوارزمية ويسحقها، وذلك في عام 1230م. وما إن حلَّ عام 1240م حتى تمكّن المغول من إخضاع غرب إيران بأكمله.

وجاء الهجوم الأخير في منتصف القرن الثالث عشر، فقد أرسل الخان الأكبر – الذي كان يحكم حينئذٍ من بكين- حملة جديدة هي الأشرس بقيادة هولاكو مزودة بأوامر لإخضاع كل دول المسلمين؛ حتى البعيدة منها مثل مصر، وعندما قاد هولاكو حملته عام 1256م\654 هـ كانت القلاع الإسماعيلية أول أهدافه.

شنّت الجيوش المغولية هجمات على قواعد الإسماعيلية في رودبار وكوهستان، ولكن نجح الإسماعيليون في صدّ تلك الجيوش، وأفشلوا الهجوم ضد قلعة غيردكوه فشلاً ذريعاً.

لكن ركن الدين (زعيم الإسماعيليين) كان يؤمن بعدم جدوى المقاومة أمام الغزو المغولي؛ فحاول إقامة السلام معهم لإنقاذ دولته. فأرسل مبعوثاً إلى قائد المغول في همدان يعرض عليه الاستسلام والخضوع للدولة المغولية، لكن القائد المغولي اقترح أن يقدم ركن الدين خضوعه لهولاكو شخصياً، فأرسل أخاه شاهنشاه كحلٍ وسط.

وفي نفس الوقت حاول المغول التقدم في رودبار؛ إلا أن الإسماعيليين تمكّنوا من صدّهم، غير أن هذه المقاومة الإسماعيلية لم تفلح في منع المغول من السيطرة على عدة مراكز إسماعيلية في كوهستان، حيث نجح المغول في اقتحام قلعتي «تون وخوان» وأعدموا كل من يزيد عمره على عشر سنوات.

رفض هولاكو سفارة شاهنشاه وطلب مقابلة ركن الدين شخصياً لتقديم الاستسلام مقابل أن يضمن هولاكو سلامة الإسماعيليين. فقرّر ركن الدين تسليم نفسه، وأمر جميع أتباعه بالنزول من القلاع. وبالفعل أُخليت قلعة ألموت في ديسمبر 1256م\ذي القعدة 654 هـ.

وعلى كل حال ففي عام 1256 م سارع البرابرة من المغول إلى تسلّق جدران قلعة ألموت التي بقيت صامدة بوجه أقوى الغزوات، وأبدى هولاكو إعجابه بمعجزة البناء العسكري للقلعة. ثم أمر جنوده بهدمها، ولم يستثنِ المكتبة، لكنه سَمح لمؤرخ في الثلاثين من عمره يُعرف بالجويني بدخول المكتبة. فتمكّن من دخول هذا المكان العجيب الذي يحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات النفيسة، ولم يكن الجويني يملك إلا عربة واحدة تُدفع باليد. فقرر الجويني أن من أول واجباته إنقاذ كلام الله؛ فأخذ يجمع – على عجلٍ – نسخ القرآن؛ حتى أمضى الوقت في نقلها. فأُضرمت المكتبة والتهمتها النيران على مدى سبعة أيام بلياليها؛ ولتضيع مصنفات لا يُحصى عددها؛ فلم يبقَ منها حتى نسخة واحدة!.

وما إن اعتقل المغول ركن الدين أخذوه إلى قراقورم ليقابل الإمبراطور المغولي مونكو خان. وفي أثناء الطريق اضطروه ليأمر ضباطه في كوهستان بتسليم قلعتهم إلى المغول، ففعلوا بعد أن أمَّنهم هولاكو على حياتهم، وبمجرد تحرّك ركّاب ركن الدين باتجاه قراقورم قتلوا الآلاف من سكان القلعة، ولم يلبثوا حتى قتلوا ركن الدين وأسرته؛ ولم يستطع الفرار من القتل إلا ابنه «شمس الدين محمد».

ثم قام المغول بجمع أعداد كبيرة من الإسماعيليين بحجة إحصاء عددهم، فقُتلوا جميعاً. واستمروا بإقامة المذابح الرهيبة في كل مكان وجدوا فيه الإسماعيليين؛ فضلاً عن هدم قلعة ألموت؛ لتنتهي بذلك دولة الإسماعيليين في فارس، ولم ينجُ من الإسماعيليين إلا من اعتصم بجبال فارس.

ثم قامت الحصون الأخرى، ففتحوا أبواب قلاعهم، واشتبكوا مع التتر في معارك قويّة طاحنة، قتل فيها إثنا عشر ألف إسماعيلي، وثلاثون ألف تتري ولم يتمكّن المغول من السيطرة على قلعة غيردكوه إلا عام 658 هـ.

«قرأنا خطابك وفهمنا نصه وفحواه ولاحظنا مايحتوي عليه من تهديدات لنا بالكلمات والأفعال، ووالله انه لشيء يدعو إلى الدهشة أن نجد ذبابة تطن في أذن فيل وبعوضة تلدغ تمثالا، كثيرون قبلك قالوا مثل هذه الأشياء ودمرناهم دون ان يشفع لهم شفيع، فهل تبطل الحق وتؤيد الباطل؟ “(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)” اذا كنت حقا قد أصدرت أوامرك بقطع رأسي وتمزيق قلاعي في الجبال الصلدة فان هذه امال كاذبة وخيالات واهمة لان الاساسيات لاتدمرها العارضات كما أن الأرواح لاتدمرها الأمراض، أما اذا عدنا إلى المحسوسات التي تدركها الحواس وتركنا جانبا المعنويات التي تدركها الأذهان فان لدينا أسوة حسنة برسول الله الذي قال: “لم يقاس نبي مثلما قاسيت” وأنت تعرف ماذا حدث لدعوته واهل بيته وحزبه، ولكن الموقف لم يتغير والرسالة لم تفشل وحمد لله لايزال اولا واخيرا. إننا مُضطهدون ولسنا طغاة، محرومون ولسنا حارمين “(وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)”. وانت تعرف ظاهر أحوالنا وقدر رجالنا وما يمكن ان يحققوه في لحظة واحدة وكيف يحبون الموت “(قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)” والمثل الشائع يقول انك لاتستطيع أن تهدد بطة بالقائها في النهر! فخذ كل مافي اسطاعتك اتخاذه من احتياطات دون الكوارث والفواجع فأنني هازِمُكَ من داخل صفوفك، ومنتقم منك في مكانك، وستكون كمن يدمر نفسه بنفسه “(ومَاذلِكَ علىٰ اللهِ بِعسيرْ)” عندما تقرأ خطابنا هذا فارتقبنا وترحم على نفسك واقرا أول “النحل” واخر “صاد”.» – راشد الدين سنان

كونراد اوف مونتفيري ملك بيت المقدس ملك بيت المقدس الثالث عشر بريشة الرسام فرانسسكو ادوارد بيكوت 1843م

أغتيال ملك بيت المقدس

طالع أيضًا: كونراد من مونفيراتو

في 28 أبريل 1192م\588 هـ تمكن الحشاشون من توجيه ضربتهم الكبرى باغتيال المركيز كونراد من مونفيراتو “Conrad of Montferrat” ملك بيت المقدس بينما كان في صور. حيث تخفى مغتالوه في زي رهبان مسيحيين وشقوا طريقهم إلى خلوة الأسقف والمركيز وعندما سنحت الفرصة طعنوه حتى الموت. ويذكر بعض المؤرخين تعاون صلاح الدين مع الحشاشين لتنفيذ الاغتيال. وتجدر الإشارة إلى ان بعد مرور اربعة أشهر من الاغتيال حصلت هدنة بين صلاح الدين والحشاشين. هذا الاغتيال اخر منجزات سنان الذي توفي عام 1192م\588 هـ.

ما بعد سنان

واصل خلفاء سنان علاقاتهم الطيبة مع خلفاء صلاح الدين من الايوبيين في سورية في الوقت الذي كانت علاقتهم متشنجة بشكل كبير مع الصليبيين فقاموا باغتيال ريموند ابن بوهيموند الرابع في كنيسة في طرطوس عام 1213م\610 هـ الامر الذي أثار غضب بوهيموندالذي سارع في القاء الحصار على قلعة الخوابي إلا أن حكام دمشق وحلب الايوبيين لم يتاخروا في نجدة الحشاشين واجبار الفرنجة على التراجع وفك الحصار.

وفي غضون ذلك تمكن الحشاشون بطريقة ما من تحصيل أتاوات «الجزية» من بعض الأمراء النصارى. ففي عام 1227م بعث فردريك الثاني قائد الحملة الصليبية السادسة (1228-1229) وملك القدس بسفارة إلى زعيم النزاريين (الحشاشين) وقد أحضر سفراء فردريك هدايا بلغت قيمتها 80000 دينار.

ولاقت محاولات فردريك الثاني مع الحشاشين معارضة فرسان الإسبتارية، الذين سارعوا إلى الهجوم على القلاع النزارية وتكبيد الحشاشين خسائر مادية فادحة. وفي حلول سنة 1228م أقام الطرفان «حلف تعاوني» يدفع بموجبه الحشاشين مبالغ مالية لفرسان الاسبتارية مقابل دفاع الاسبتاريين عن قلاع النزاريين من اعتداءات القوات الصليبية في انطاكية وطرابلس. وقد تطور الامر إلى تعاون الطرفين (الحشاشين والاسبتاريين) في حملة شنوها من قلعة الحصن سنة 1230م ضد أمير انطاكية بوهيموند الرابع.

وكان هذا التعاون قد أثار غضب بوهيموند الخامس أمير انطاكية، فقام بكتابة إلى البابا غريغوري التاسع يشكو فيه تحالف الاسبتاريين مع الحشاشين. وفي رد البابا غريغوري على تلك الشكوى كتب إلى رئيس أساقفة صور وإلى اسقفي صيدا وبيروت:

«الحشاشين، أعداء الله وأعداء الاسم المسيحي، الذين تجرؤا سابقا على ذبح ريموند ابن بوهيموند الرابع وكثيرا من العظماء والأمراء الكاثوليك غدرا، ويجاهدون للتغلب على ديننا بالقوة..والأخطر من ذلك كله هو أن الحشاشين قد تعدوا، بناء على الوعد الذي قطعه سيد الاسبتارية بدعمهم وحمايتهم من الهجمات المسيحية، ان يدفعوا لهم مبلغا محددا من المال سنويا ولذلك قد بعثنا اليهم باوامر خطية ليكفوا عن حماية ذات اولئلك الحشاشين» – البابا غريغوري التاسع (26 اب 1236م)

نهاية الطائفة

كان الحشاشون في سورية قد شاركوا غيرهم من المسلمين في التصدي للتهديد المغولي، وحاولوا كسب ثقة المماليك – الظاهر بيبرس بارسال السفارات والهدايا ولم يبد بيبرس في بداية الامر عداء نحوهم. غير ان بيبرس لايمكن ان يتوقع منه التسامح ازاء استمرار وجود جيب مستقل في قلب سورية ففي عام 1265م امر بجمع الضرائب والرسوم على الحشاشين ولم يكن باستطاعة الحشاشين الذين اضعفوا في سورية واثبطت عزيمتهم نتيجة مصير اخوانهم الفارسيين ان يبدوا مقاومة تذكر.

فأصبحوا هم يدفعون الجزية بدلا من اخذها من امراء الدول المجاورة وسرعان ماأصبح بيبرس هو الذي يعين رؤساء الحشاشين ويخلعهم بدلا من ألموت. ففي عام 1270 م استاء بيبرس من موقف رئيس الحشاشين المسن نجم الدين فخلعه وعين بدله سريم الدين مبارك، وكان الرئيس الجديد يحكم من منصبه كممثل لبيبرس واسثنيت مصيف من سلطته وجعلت تحت السيطرة المباشرة لبيبرس. ولكن سريم الدين استطاع ان يضم مصيف إلى املاكه فعزله بيبرس وجاء به سجينا إلى القاهرة حيث مات مسموما هناك.

واستولى عام 1271م\669 هـ على قلعتي «العليقة» و«الرصافة» وسقطت قلعة «الخوابي» في العام نفسه لتسقط بقيه القلاع عام 1273م\671 هـ لتنتهي بذلك دولة الحشاشين في بلاد الشام. 

 قائمة الزعماء

   الحاكم الحكم

1 حسن الصباح 1094-1124 

2 بزرك آميد 1124-1138 

3 محمد بن بزرك آميد 1138-1162 

4 الحسن علي بن حسن القاهر 1162-1166 

5 أعلى محمد بن الحسن علي 1166-1210 

6 جلال الدين حسن بن أعلى محمد 1210-1221 

7 علاء الدين محمد بن الحسن 1221-1255 

8 ركن الدين خورشاه بن علاء الدين 1255-1256

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى