مقال

من عمل صالحا فلنفسه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن من عمل صالحا فلنفسه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 9 مارس 2024

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، يقول الله تعالى ” من عمل صالحا فلنفسه” أنظروا، لنفسه، أنت الكاسب الوحيد، لنفسك، وهل هناك من هو أعز عندك وعليك من نفسك؟ وسوف ترى ذلك، وسوف تشاهد هذه الخيرات التي عملتها في دنياك، نعم، سوف تشاهدها هناك في الآخرة مكتوبة، ومكتوب لك أجرها، فقال تعالى ” ليروا أعمالهم” وسوف تشهد لك هذه الأرض، سوف تشهد لك الطرقات والمساجد والأمكنة والبيوت والأسواق بأنك عملت ذلك الخير وهذه الخيرات، فقال تعالى ” يومئذ تحدث أخبارها”

أى تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية” يومئذ تحدث أخبارها” قال “أتدرون ما أخبارها؟” قالوا الله ورسوله أعلم، قال “فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها” فدعونا نفتح صفحات من الخير ونستروح نفحة من نفحات ربنا الكريم، وبركة من بركات ربنا الرحيم، وعطية من عطايا نبينا الرحيم صلى الله عليه وسلم، فأنت تستطيع أن تؤجر حتى لو عجزت وضعفت عن فعل الخير وضاقت عليك سبله، فما أعظمه من كرم إلهي وما أرحمه من هدى نبوى حينما تقف عاجزا عن فعل الخير فتظن الأجر فُقد من دربك، فإذا برسولك صلى الله عليه وسلم يبشرك ويدلك ويجعل الأمل بين يديك.

فيقول لك كفّ شرّك عن الناس فقط، أبعد أذاك عنهم لا غير، يكن ذلك من فعل الخير، يكن ذلك صدقة، يكن ذلك أجرا، يكن ذلك حسنات تكتب لك، لنفسك، فادفع الدّين الذي عليك، لا بالمال وحده بل بفعل الخيرات، ومَن يستطيع أن يدفع كل يوم مقابل نعمة مفاصل جسمه، صدقات مالية بعددها البالغ ثلاثمائة وستين مفصلا؟ ولكن رحمات الله وبركاته وكرمه على عباده، جعلت فعل الخيرات هو من الصدقات، وجعل صلاة ركعتي الضحى تعدل هذا المطلوب الكبير من الصدقات، وسدادا للدين الواقع عليك في صبيحة كل يوم، وما سداد هذا الدين إلا من فعل الخيرات الذي تؤجر عليه، فافعلوا الخير مهما دق في أعينكم، ومهما قل أو صغر عندكم، فإنه عند الكريم سبحانه وتعالى مضاعف كبير، يجزيك ربك بأحسن منه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق” وقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا نساء المسلمات لا تحقرن جاره لجارتها ولو فرسن شاة” فإياك ثم إياك أن يُلبّس عليك الشيطان، وأن تلبس عليك نفسك الأمارة بأن هذا العمل صغير وهذا الخير قليل لا داعي لعمله، لأنه لا أجر كبيرا عليه، بل افعل الخير مهما قلّ، وإننا نقرأ ونسمع أن سلفنا الصالح كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يقبل الله منهم رمضان، وإننا نقرأ ونسمع أن سلفنا الصالح كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يقبل الله منهم رمضان، ونحن لم يتبقي على قدومه سوى يوم أو يومين فهل دعونا أم لا؟ أم أننا نسينا رمضان وغفلنا عنه وكأننا نخاف من حملا ثقيلا يأتي جاثما على صدورنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى