مقال

الدكروري يكتب عن سلة الغذاء للأمم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن سلة الغذاء للأمم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 31 مارس 2024

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، ثم أما بعد لقد سكن مصر بعد فتحها جماعة من أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حتى إنه لما أحصي عدد الصحابة الذين دخلوا مصر أو سكنوا فيها أو زاروها أو حكموها أو دفنوا في ترابها تعدوا خمسين وثلاثمائة صحابيا كلهم دخلوا مصر، ومنهم من جاء رسولا إليها أو حاكما أو مجاهدا أو معلما، وكان منهم عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي السرح، وعبد الله بن عمرو، وكلهم ولي إمارة مصر.

ومنهم جابر بن عبد الله بن حرام، والزبير بن العوام، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو ذر الغفاري، وأبو الدرداء، وأبو هريرة، وعبد الله بن الحارث الزبيدي، وهو آخر صحابي مات بمصر، ثلاثمائة وخمسون صحابيا وهؤلاء كانوا أبرزهم، ولكن، كلهم قد سكنوا مصر أو زاروها، وقيل أنه في مصر ولد خامس الخلفاء الراشدين وهو عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، وإذا تكلمنا عن مصر فإننا نتكلم عن بلاد العلماء الذين وصل أثرهم إلى كل الدنيا، منهم صحابة كرام، وتابعون أعلام، منهم الليث بن سعد وهو إمام المصريين، الذي قيل عنه: إنه كان أعلم رجال عصره، ومهم القارئ ” ورش”، فإذا سمعت من يقول “على قراءة ورش”

فاعلم أنه المصري، واليوم أكثر أهل إفريقيا والمغرب يقرؤون بقراءة هذا المصري، ومنهم الإمام المحدث عبد الله بن لهيعة، ومنهم الإمام الشافعي، وله طلاب مصريون كثيرون، ومنهم سعيد بن كثير وكان إماما عالما، وقال عنه يحيى بن معيض إمام الجرح والتعديل لما سئل عن مصر، قال “رأيت في مصر ثلاث عجائب، النيل، والأهرام، وسعيد بن كثير، ومنهم عبد الملك بن هشام وهو صاحب السيرة النبوية المشهورة، ومنهم الإمام الطحاوي الذي ألف العقيدة الطحاوية التي تدرس اليوم في كل العالم، وإذا ذكرنا حب وفضل الوطن فلا ننسي أن نذكر فضل مصر، مصرالتي جعلها الله تعالى بلد الخير والعطاء، فمصر هي سلة الغذاء للأمم كلها فنذكر يوم أن حدثت مجاعة في عهد أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أكلت الأخضر واليابس.

وكان عام الرمادة، وقال عمر بن الخطاب والله لا آكل سمنا ولا سمينا حتى يكشف الله الغمة عن المسلمين وبقى مهموما هما يتأوه منه ليلا ونهارا وقد نزل الأعراب حوله في العاصمة الإسلامية المدينة المنورة بخيامهم، وكان يبكي على المنبر في عام الرمادة، وينظر إلى الأطفال وهم يتضورون جوعا أمامه، وود أن جسمه خبزا يقدمه للأطفال، وأخذ يقول يا ليت أم عمر لم تلد عمر، يا ليتني ما عرفت الحياة، آه يا عمر كم قتلت من أطفال المسلمين ،لأنه يرى أنه هو المسئول الأول عن الأكباد الحرّى، والبطون الجائعة وفي النهاية تذكر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن له في مصر إخوانا في الله، وأن مصر بلدا معطاء، وسوف يدفع الغالي والرخيص لإنقاذ العاصمة الإسلامية، وكان والي مصر هو الصحابي عمرو بن العاص الداهية العملاق.

فكتب له عمر بن الخطاب رسالة، وهذا نصها ” بسم الله الرحمن الرحيم، من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، إلى عمرو بن العاص أما بعد، فوا غوثاه، وا غوثاه، والسلام، وأخذها عمرو بن العاص وجمع المصريين ليقرأ الرسالة المحترقة الملتهبة الباكية المؤثرة أمامهم ولما قرأها عمرو بن العاص أجاب عمر في الحال، وقال لا جرم، والله لأرسلن لك قافلة من الطعام أولها عندك في المدينة وآخرها عندي في مصر، وجاد المصريون بأموالهم كما يجود الصادقون مع ربهم، وبذلوا الطعام، وحملوا الجمال وذهبت القافلة تزحف كالسيل، وتسير كالليل تحمل النماء والحياة والخير والزرق والعطاء لعاصمة الإسلام، ودعا لهم عمر، وحفظها التاريخ لهم حفظاً لا ينساه أبد الدهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى