مقال

ولكل درجات مما عملوا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ولكل درجات مما عملوا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 2 إبريل 2024

الحمد لله ثم الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، نحمده سبحانه أحاط بكل شيء خبرا، ونحمده بأن جعل لكل شيء قدرا، وأسبغ علينا وعلى العالمين من حفظـه سترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين كافة عذرا ونذر، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد، إن الإسلام هو دين السلم والسلام، والوفاقِ والوئام، والإخوة والمحبة وكيف لا ؟ وكلمة السلام هي مشتقة من الإسلام وكيف لا ؟والله عز وجل جمع بين الإيمان والإخوة، قال سبحانه وتعالي ” إنما المؤمنون أخوة” فالمؤمنون جميعا كأنهم روح واحدة، جسد واحد، وهذه القيم الاخلاقية بالإسلام، وإن للقيم فوائد جمة فهي التي تشكل شخصية المسلم المتزنة.

وتوحد ذاته وتقوي إرادته، والذي لا تهذبه القيم متذبذب الأخلاق مشتت النفس، ينتابه الكثير من الصراعات، فقال الله تعالى فى سورة الملك ” أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم” فإن القيم تحفظ الأمن، وتقي من الشرور في المجتمع لأن تأثيرها أعظم من تأثيرِ القوانين والعقوبات، فالقيم المتأصلة في النفس تكون أكثر قدرة على منع الأخطاء من العقوبة والقانون، وإن أصحاب القيم يؤدون أعمالهم بفعالية وإتقان، وسوء سلوك القائمين على العمل راجع إلى افتقادهم لقيم الإيمان والإخلاص والشعور بالواجب والمسؤولية، وإن القيم تجعل للإنسان قيمة ومنزلة ولحياته طعما، وتزداد ثقة الناس به، فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” ولكل درجات مما عملوا” وقال سبحانه وتعالى ” أم نجعل المتقين كالفجار”

وعندما تنشأ القيم مع الفرد من إيمانه وعقيدته وخشيته لله ينمو مع نمو جسده فكر نقي وخلق قويم وسلوك سوي، وتغدو القيم ثابتة في نفسه راسخة في فؤاده، لا تتبدل بتبدل المصالح والأهواء كما هو في المجتمعات المادية، ويصغر ما عداها من القيم الأرضية الدنيوية، فقال الله تعالى فى سورة المؤمنون ” ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن” ولم يحفل التاريخ بخيرة الناس وعظمائهم الذين زكى الله نفوسهم وطهر قلوبهم، مثلما حفل به تاريخنا الإسلامي، فلم تعمى الأبصار عنهم؟ وإن أخطر ما يهدد القيم ويزعزع بنيانها القدوات السيئة المزينة بالألقاب من الوضيعين والوضيعات، الذين يفتقد الواحد منهم إلى التحلي بأبجديات الآداب والأخلاق الإسلامية، وهذه القدوات السيئة تعمل على خلخلة القيم وتشكل نفوسا فارغة من القيم سابحة في الضيق.

كما تروج له القنوات الفضائية مِن عري فاضح وسلوك منحط وتحلل خاطئ يحطم القيم ويدمر الأخلاق، وهى دعوة صريحة لنبذ الفضيلة، ثم يأتي حق الكفاية من مقومات الحياة، وحق الكفاية في الإسلام من الحقوق التي اختص بها الإسلام، ولم تتطرق إليها الأنظمة الوضعية، ولا مواثيق حقوق الإنسان، وهو حق إسلامي مقدس، ويعني أن يحصل كل فرد يعيش في كنف الدولة الإسلامية على كفايته من مقومات الحياة بحيث يعيش عيشة كريمة، ويتحقق له المستوى اللائق للمعيشة، وهو يختلف عن حد الكفاف الذي تحدثت عنه النظم الوضيعة، والذي يعنى الحد الأدنى لمعيشة الإنسان، وحق الكفاية هذا يتحقق بالعمل، فإذا عجز الفرد فالزكاة، فإذا عجزت الزكاة عن سد كفاية المحتاجين تأتى ميزانية الدولة لسداد هذه الكفاية، وقد عبّر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله.

” مَن ترك دينا أو ضياعا، أي أولادا صغارا ضائعين لا مال لهم فإليّ وعليّ” رواه البخاري، ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم مؤكدا هذا الحق “ليس بمؤمن من بات شبعانا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم” رواه الطبراني، وقوله صلى الله عليه وسلم “إن الاشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلّ طعام عيالهم في المدينة حملوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم بالسوية، فهُم مني، وأنا منهم” رواه البخاري، ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى