مقال

الدكروري يكتب عن الدنيا وعمر الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الدنيا وعمر الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الخميس الموافق 4 إبريل 2024

الحمد لله، الحمد لله بارئ النسم، ومحيي الرمم، ومجزل القسم، مبدع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينا رضيّا، ونورا مضيّا، أحمده وقد أسبغ البر الجزيل، وأسبل الستر الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبد آمن بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه صلاة وسلاما دائمين ممتدين إلى يوم الدين أما بعد إن الدنيا كلها مثل عمر الإنسان لها بداية أذن الله تعالى بها، ولها نهاية قدرها سبحانه وتعالى وهو عز وجل من يعلم نهايتها، أعلمتم خبر آلاف السنين التي مضت من عمر الدنيا وقرأتم أو سمعتم تاريخ الأمم المتعاقبة من لدن آدم عليه السلام؟ فإنه لم يبقي منها إلا بعض ذكرها، وليس لأفرادها إلا ما استودعوا صحائف أعمالهم. 

منهم أمم عاشت آلاف السنين، وأفراد تجاوزوا المائتين، ونوح عليه السلام قضى من السنين في دعوة قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، والله تعالى أعلم كم كان عمره كاملا، فأين تلك الأمم؟ وأين من عمروا فيها طويلا؟ لقد مضوا إلى ربهم وكأنهم ما عاشوا فى الدنيا إلا قليلا، إن عمر الإنسان لا قيمة إلا بما كان فيه من عمل، فالشيخ الذى يعمر في طاعة الله تعالى حتى احدودب ظهره وسقط حاجباه على عينيه من الكبر يكون طول عيشه حجة له، وسببا في زيادة حسناته ورفع درجاته، فيحظى بالمنازل العالية عند الله تعالى، ولذا كان من إجلال الله تعالى “إكرام ذي الشيبة المسلم” وأما من عمر طويلا فقضى عمره في معصية الله تعالى، فيا حسرة له على ما فرط وضيع، ذهبت الملذات والشهوات. 

وبقي الندم والحسرات، وكيف يقابل الله تعالى من كان هذا حاله؟ وقد جاء في الحديث الشريف “أن خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وأن شر الناس من طال عمره وساء عمله” وإن الدنيا مثل شهر رمضان تمضي بلذائذها وشهواتها، وتعبها ونصبها، وينسى العباد ذلك ولكنهم يجدون ما قدموا مدخرا لهم، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، ونحن في أخريات شهرنا سلوا من جاهدوا نفوسهم واصطبروها على طاعة الله تعالى في الأيام الماضية، فأضنوا أجسادهم، وأمضوا نهارهم في أعمالهم وفي بر والديهم، وصلة أرحامهم ونفع إخوانهم رغم صيامهم، وأسهروا ليلهم في التهجد والمناجاة، والدعاء والاستغفار، سلوهم الآن عن تعبهم وسهرهم، وعن جوعهم وعطشهم، تجدوا أنهم قد نسوا ذلك. 

ولكن كتب في صحائفهم أنهم صاموا فحفظوا الصيام، وقاموا فأحسنوا القيام، وعملوا أعمالا صالحة كثيرة امتلأت بها صحفهم في رمضان، ولسوف يجدون عقبى ذلك غدا في قبورهم وعند نشرهم، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم، وسلوا الذين قضوا رمضان في النوم والبطالة، ورفهوا عن أنفسهم بأنواع المحرمات، وتفكهوا بما يعرض فى الفضائيات والمواقع، وضحكوا كثيرا من مشاهد السخرية بدين الله تعالى، وإن صلى أحدهم صلى ثقيلا، وإن قرأ القرآن ملّ منه سريعا، وما مضت عليهم الليالى السالفة إلا وقد أخذوا من الرفاهية أكثرها، ومن الضحك والمتعة أنواعها، سلوهم الآن عن أنواع الرفاهية والمتع التى تمتعوا بها لن تجدوا عندهم منها شيئا يذكر، وبقيت الأوزار تثقل كواهلهم، وتسود صحائفهم، ولا نجاة لهم إلا بتوبة عاجلة قبل أن يحال بينهم وبين التوبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى