مقال

ونحن نودع شهرنا الكريم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ونحن نودع شهرنا الكريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 4 إبريل 2024

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمر بالإجتماع ونهى عن الإفتراق، وأشهد أن لا إله إلا الله الحكيم العليم، الخلاق الرزاق، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رُفع إلى السماء ليلة المعراج حتى جاوز السبع الطباق، وهناك فرضت عليه الصلوات الخمس بالاتفاق، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين نشروا دينه في الآفاق، ومن تبعهم بإحسان إلي يوم التلاق ثم أما بعد لقد كان السلف الصالح رحمهم الله يجتهدون في إتقان العمل وإتمامه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله ويخافون من رده، ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل ” إنما يتقبل الله من المتقين” وها هو شهركم قد قرب رحيله وأزف تحويله، فمع نهاية أربعة ايام من الآن.

يودعنا هذا الضيف الكريم، فهو شهر كثير خيره، عظيم بره، جزيلة بركته، فنسأل الله الذى يسر صيامه وقيامه لنا، أن يتقبله منا، وأن يجعله شاهدا لنا لا علينا، ونحن نودع شهرنا الكريم، هذه همسات الوداع تقول أحسنوا وداع شهركم، ضاعفوا الإجتهاد في هذه الليالى، أكثروا من الذكر، وأكثروا من تلاوة القرآن، وأكثروا من الصلاة، أكثروا من الصدقات، وأكثروا من تفطير الصائمين، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد فى غيرها، وهذه بساتين الجنان قد تزينت، وهذه نفحات الرحمن قد تنزلت، فحرى بالغافل أن يعاجل، وجدير بالمقصر أن يشمر، وإن الجياد الأصيلة إذا قاربت الوصول جدت المسير، فاطلبوا الليلة العظيمة، ليلة العتق والمباهاة.

ليلة القرب والمناجاة، ليلة القدر، ليلة نزول القرآن، ليلة الرحمة والغفران، ليلة خير من ألف شهر، ليلة من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه كما في البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه، فيا حسرة من فاتته هذه الليلة فى سنواته الماضية، ويا أسفى على من لم يجتهد فيها في الليالي القادمة، فيا من تعودت القرآن فى هذا الشهر داوم على تلاوته ولا تقطع صلتك به فإنه حبل الله المتين وهو روح من الله وهو شفيعك عند ربك وحجتك يوم القيامة فلا تعرض عنه بعد رمضان فإنه لا غنى عنه بحال من الأحوال، ويا من كان يتصدق في هذا الشهر خصص من مالك شيئا تتصدق به على الفقراء وعلى الأيتام فإن الله سبحانه وتعالى يرضى من عباده الصدقة، فها هو شهر التقوى قد آذن بصرم.

وأزف رحيله بما أودع العباد فيه من أعمالهم، فهنيئا لمن عمره بذكر الله تعالى، ويا خسارة من مضى عليه ولم يكتسب فيه أعمالا صالحة، فيا أيها الناس تنقضي الدنيا كما ينقضى عمر الإنسان، ويمضي عمر الإنسان كما يمضي رمضان، فبالأمس القريب كان الناس يستقبلون شهرهم وهم الآن يودعونه، وهكذا يولد الإنسان كما يولد هلال الشهر، ومهما طال عمره في الدنيا فإنه نسي ما فات، ويؤمل فيما هو آت وليس دون أمل الإنسان إلا الموت، فإنه قاصم الأعمار وقاطع الآمال، فقال النبي عليه الصلاة والسلام “قلب الشيخ شاب على حب اثنتين، حب العيش والمال” وفى لفظ ” يهرم بن آدم وتشب منه اثنتان، الحرص على المال والحرص على العمر” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى