فن

الحشاشين قتلوا الخليفة العباسي فضل المسترشد.

جريدة الاضواء

الحشاشين قتلوا الخليفة العباسي فضل المسترشد.

محمود سعيد برغش

صنع عماد الدين زنكي وخلع والي أفغانستان،حارب السلاجقة ليخرجهم من العراق، قتلوه وهو يقرأ القرآن

ففي مثل هذا اليوم.

ولد الخليفة العباسي التاسع والعشرون فضل المسترشد بالله “الخليفة الأشقر” في مدينة بغداد.

وذلك في 4 ربيع أول 485 هجري

والموافق في تاريخ 1092/04/14م.

وهو الذي قال:

أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم—- ومــن يــمــلك الدنــيــا بــغــيــر مـزاحـم

والده: الخليفة العباسي احمد المستظهر بالله.
امه: ست السادة نزهة الصفراء الأرمينية

زوجاته:
الأميرة فولانا بنت السلطان محمد السلجوقي
الأميرة أميرة بنت السلطان أحمد سنجر السلجوقي

وهو من مواليد بغداد في 4 ربيع أول 485 هجري والموافق في تاريخ 1092/04/14 م.
قالوا عنه.

قال العمراني: فحل بني العباس ونجيبهم وفاضلهم وكاتبهم واشجعهم… عاش سعيدا ومات شهيدا.
قال السبكي: صنف له الشاشي كتاب العملة واشتهر بإسمه فإنه كان يلقب عمدة الدين والدنيا وعدة الاسلام والمسلمين، ومولانا المسترشد بالله العباسي كان في أول خلافته قد تنسك وانفرد بالعبادة، كان مليح الخط وشهامته أشهر من الشمس .
قال السيوطي: كان ذا همة عالية وشهامة زائدة وكان مقداماً ذا رأي سديد وهيبة وبأس، شيد أركان الشريعة وطرز أكمامها كما قاد الحروب بنفسه وغزا عدة مرات ونصره الله على أعدائه أكثر من مرة.

صفاته الجسدية.

كان اشقر اعطر اشهل خفيف العارضين.

نشأته.

نشأ الخليفة المسترشد بالله نشأة دينية، وقد تتلمذ منذ صغره على يد نخبة من أرفع علماء بغداد، مثل أبي الحسن بن العلاف وأبي القاسم بن بيان، بالإضافة إلى مؤدبه أبي البركات بن السيبي، فأضحى أديبا متمكنا وخطيبا مفوها وعابدا زاهدا، وصفته كتب التاريخ بأنه “خليق للإمامة” وقلّ نظيره بين الأمراء.

تولي الخلافة.

بويع بالخلافة بعد وفاة والده في سنة 513 هـ الموافق 1118م.

وعندما تولى مقاليد منصبه ملأ ربوع ملكه عدلا وإنصافا، وأمن الناس في عهده على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
ويصفه المؤرخون بأنه كان شهما نبيلا ذا همة عالية، لا يكل من السهر على أمور الرعية ليل نهار إلا انه ورث سعي السلاجقة لإبعاد الخليفة عن إدارة شؤون الحكم، فقرر مواجهتهم وإخراجهم من العراق حتى لو وصل الأمر لإعلان الحرب

خلعه لوالي غزنة (أفغانستان)

في عام 1117م قام والي غزنة السلطان أرسلان شاه الغزنوي بعمل مجزرة ضد أبناء أسرته ليضمن بقاء العرش له ولنسله، فقام الخليفة العباسي فضل المسترشد بالله في عام 1118م بإصدار قرار بعدم صحة ولاية أرسلان شاه وأصدر قرارا بخلعه، وتولية أخيه الذي نجا من المجزرة الأمير بهرام شاه، فأعلن أرسلان شاه قطع الخطبة للخليفة العباسي، فقام الخليفة المسترشد ووالي خراسان السلطان أحمد سنجر بدعم الأمير بهرام شاه الغزنوي والذي إستطاع أن يأخذ الحكم من أخيه بعد معركة قتل فيها أرسلان شاه، وأعاد السلطان بهرام شاه الغزنوي الخطبة للخليفة العباسي، وإستكمل إرسال الأموال السنوية الواجبة على ولايته.

انتصاره على دبيس بن صدقة.

في عام 517 هجري الموافق 1122 ميلادي تمرد ابن صدقة ونهب البلاد فخرج له الخليفة بنفسه، والتقى الفريقان وقد شهر الخليفة سيفه وكبر واقترب من المعركة، فحمل عنتر بن أبي العسكر على ميمنة الخليفة فكسرها وقتل أميرها، ثم حمل مرة ثانية فكشفهم كالأولى، فحمل عليه عماد الدين زنكي بن آقسنقر فأسر عنتر وأسر معه بديل بن زائدة، ثم انهزم عسكر دبيس وألقوا انفسهم في الماء، فغرق كثير منهم، فأمر الخليفة بضرب أعناق الأسرى صبرا ببين يديه، وعاد الخليفة إلى بغداد فدخلها في عاشوراء من عام 517هـ. وقد عزل نقيب العلويين وهدمت داره وهو (علي بن أفلح) لأنه كان عيناً لدبيس.

المسترشد هو صانع عماد الدين زنكي.

لقد وضع المسترشد استراتيجية لتحرير فلسطين والقدس، وهي بأن يتفرغ احد الولاة بشكل كامل لتحقيق هذا الهدف وان تكون ولايته مسخرة لهذا الامر، فاختار ولاية الموصل لتكون نقطة الانطلاق، واختار قائد شرطة بغداد عماد الدين زنكي واليا عليها عام 1125م ليتوسع حتى تحرير القدس والقضاء على الفرنجة.

ورغم كثرة اعتراض السلاجقة وتكرار المحاولات لإثنائه عن هذا الامر ولكنه بقي مصراً على عماد الدين زنكي وعينه واليا عليها، وقد كانت بلاد الموصل من بلاد الخليفة العباسي التي ما زال يحكمها بشكل مباشر، فأختار الخليفة أن يقتطعها في سبيل تحرير فلسطين.

قال ابن كثير: في سنة 521 هجري بعث الخليفة عماد الدين زنكي إلى الموصل وأعمالها… سنة 523 هجري دخل السلطان محمود السلجوقي إلى بغداد وإجتهد في إرضاء الخليفة أن يسلم إليه بلاد الموصل فامتنع الخليفة من ذلك وأبى أشد الإباء، وقدم عماد الدين زنكي إلى بغداد، وأقره الخليفة على الموصل، ورجع إلى عمله فملك حلب وحماه.

قال ابن الأثير: أرسل الخليفة إلى عماد الدين يأمره بالعودة إلى الموصل والاشتغال بجهاد الفرنج

انتصاره على محمود السلجوقي.

أمام توسع نفوذ الخليفة وتفرق السلاجقة حاول السلطان محمود اضعاف الخليفة فحاربه سنة 521 هجري الموافق 1125م وحدث القتال بين الخليفة والسلطان وناصرت العامة الخليفة وشتموا السلطان بقولهم: يا باطني تركت الفرنج وقاتلت الخليفة.

وبقيت المعركة في داخل بغداد دائرة حتى انتصر الخليفة وطلب محمود الامان وجاء الى الخليفة واعتذر وقبل الارض امامه سبع مرات، وخرج السلاجقة من العراق واجزاء واسعة من بلاد فارس، وسيطر الخليفة سيطرة كاملة، وحكم الخليفة المسترشد دون شريك أو أي نفوذ سلجوقي.

أحوال ولاية الأندلس

في ربيع الأول 526هـ/يناير 1132م وصلت رسالة من والي المغرب والأندلس علي بن يوسف بن تاشفين يذكر فيها أخبار المعارك في الأندلس، فذكر أخبار تقدُّم القشتاليين نحو قرطبة، فسار المرابطون إلى براشة، وهناك وقعت معركة عنيفة إنتصر فيها المرابطون على جيش قشتالة وقتلوا وأسروا عدد كبيراً منهم، ثم تقدم جيش قشتالي آخر بقيادة الكونت رودريغو جونزالس دي لارا للإغارة على أراضي إشبيلية، فقاتلهم والي المدينة عمر بن الحاج اللمتوني في معركة عنيفة، قتل فيها عمر بن الحاج ومعظم جنده في 15 رجب 526هـ/أول يونيو 1132م، فأغلقت المدينة أبوابها، حتى أدركها جيش تاشفين بن علي، فانسحب الجيش القشتالي بغنائمه.

وفي سنة 528هـ/1134م وصلت أخبار حشد ألفونسو السابع جيشًا كبيرًا، واتجه نحو بطليوس، فسار إليه جيش تاشفين حتى التقيا في جمادى الأولى 528هـ/مارس 1134م بالقرب من الزلاقة، ودارت معركة كبيرة انتصر فيها المرابطون وفي شعبان 528هـ/يوليو 1134م، دخل تاشفين بن علي قرطبة واليًا عليها بعد عزل واليها عبد الله بن قنونة. ثم عاد تاشفين في ذي الحجة 528هـ/نوفمبر 1134م، وخرج بقوات غرناطة وقرطبة وإشبيلية لغزو قشتالة، فكمُن لهم القشتاليون عند موضع يدعى البكار، وهاجموهم بألفي مقاتل، فاضطرب المرابطون، لكنهم ثبتوا بعد ذلك وهزموا القشتاليين بعد أن خسر الفريقان عدداً كبيراً من القتلى.

رؤيا رسول الله ص والمعركة الاخيرة.

في عام 529 هجري الموافق 1135م أي بعد 10 سنوات من سيطرة الخليفة سيطرة كاملة، تمرد السلطان مسعود السلجوقي فخرج له الخليفة في 15 ألف فارس إلى همذان، وتروي كتب التاريخ حادثة مثيرة في هذه الحملة تبيّن مدى ورع وشجاعة المسترشد، إذ جاءه أن أحد المشاركين في الحملة ويعرف باسم “فارس الإسلام” قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنه سأله عن مصير الجيش في حملته تلك فقال “مكسور مقهور”.
وبعد تردد وحيرة، عرض وزراء الخليفة الأمر عليه، وأشاروا بأن يعود بالجيش أدراجه إلى بغداد، إلا أن جوابه كان “ويكذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لا والله ما بقي لنا رجعة, ويقضي الله ما يشاء.

وبعد أيام التقى جيش الخليفة جيش مسعود الذي كان قد نجح باستمالة الترك في جيش الخليفة، الأمر الذي أضعف الموقف العسكري لجيش المسترشد، فلم يقو على مواجهة جيش مسعود، رغم الاستبسال الذي قاتل به الخليفة ورفاقه.

أسره.

أسر المسترشد بعد معركة همذان ثم نقل مع المقربين منه ومساعديه إلى قلعة في اذربيجان.


خضوع مسعود للخليفة


بعد اسر الخليفة هاجت بغداد وماجت، ولبست مدن فارس السواد، وزلزلت بغداد كما قال ابن الجوزي: وكأنه غضب من الله، وعندها أرسل السلطان أحمد سنجر بن ملكشاه إلى ابن أخيه مسعود بن محمد بن ملكشاه يوبخه على انتهاك حرمة الخليفة وأسره، ويأمره بأن يطلقه وأن يضع نفسه رهن إشارته، وتحركت وجوه بغداد للصلح وحصل على أن يعود الخليفة لمقر عزه وجاء السلطان مسعود الى الخليفة في سجنه واعتذر له وقبل الارض أمامه سبع مرات.

استشهاده.
في أثناء عودته من أذربيجان إلى بغداد توقفوا في مدينة مراغة وتم نصب خيمته هناك، وفي أثناء وجوده في خيمته وبينما كان يقرأ القرآن بعد صلاة الظهر، دخل عليه مجموعة من الحشاشين من الطائفة الإسماعيلية وقتلوه غيلة بالسكاكين، وكان استشهاده في يوم الأحد 17 ذو القعدة 529 هجري والموافق في تاريخ 1135/08/29 م.

**** المصادر:

1) تاريخ الخلفاء، السيوطي
2) البداية والنهاية، ابن كثير
3) المنتظم في أخبار الملوك والأمم، ابن الجوزي
4) الإنباء في تاريخ الخلفاء، العمراني
5) الكامل في التاريخ، ابن الأثير

*****************

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى