عاجل

الدكروري يكتب عن نهاية الحياة الدنيا

الدكروري يكتب عن نهاية الحياة الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 16 إبريل 2024

 

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلي اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد إن يوم القيامة هو اليوم الذي يأتي بعد نهاية الحياة الدنيا، وهلاك جميع الأحياء فلا يبقى أحد سوى الله تعالى فهو الحي الذي لا يموت، ويبعث الله تعالى في ذلك اليوم جميع الخلائق للوقوف بين يديه ومحاسبتهم على ما قدّموه من أعمال في الحياة الدنيا، ثمَ يُساق العباد إلى دار الخلد كل حسب عمله فإما إلى الجنة وإما إلى النار، كما أن يوم القيامة هو يوم عظيم تكثر فيه الأهوال، ولا ينجو من تلك الأهوال إلا من عمل عملاً صالحا وآمن بالله تعالى، وإياكم من إرتكاب الذنوب والآثام، فإن الآثام من الأمراض التي تسبّب الأذى للقلوب.

 

وهي كل ذنب صغير أو كبير، وتبتدئ الآثام كما ذكر العلامة الشيخ ابن القيم من الخطرة، فإن لم تدفع تحولت إلى وسوسة، فإن لم تدفع تحولت إلى شهوة، فإن لم تدفع تحولت إلى إرادة، فإن لم تدفع قويت فصارت عزيمة على الفعل فاستحال دفعها، وأيضا الزيغ، وهو من أمراض القلوب، ويعني الميل عن الهدى والاستقامة، والانحراف عنها إلى غيرها من وجوه الضلالة والعصيان، وكذلك الغلّ، ويعني الحقد الكامن في النفس، والعداوة والضغينة، فقال الله تعالى على لسان عباده المؤمنين ” ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا” وكذلك إباء القلب ويعني رفض الإذعان للحق، ورفض الاستجابة لما أمر الله به من الإيمان، والركون إلى الكفر والفسوق والعصيان، وأيضا الغلظة وهي شدة القلب وقسوته، وهي ضد الرقة واللين.

 

وإن النفاق هو من أخطر أمراض القلب حيث يؤدي إلى موتها إذا ما استفحل واستطال شرره، فقال الله تعالى عن المنافقين ” في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا” ثم بعد العلم بأهمية القلب، ويجب علينا أن نقوم بتعهده ورعايته والاهتمام به على أتم الوجوه وأكملها، فهو منبع الرحمة التي يعطف بها بعضنا على بعض، ونعيش حياتنا بها، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أوَ أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة” ورعاية القلب تأتي أولا بما يبعث فيه الحياة، وأول شيء يبعث فيه الروح ويجعله قلبا مطمئنا منيبا، هو إيمان مطلق بالله تعالى، فالقلب المؤمن قلب تدب فيه الحياة، ثم بالعلم وأقصد العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته.

 

ثم بتعاهد القلب بالقرآن الكريم الذي هو كلام رب العالمين، ثم بالحسنات اللواتي يملأن القلب نورا، ونظام الحسنات في الإسلام، هو أرقى وأكمل ما رأينا من الأنظمة على الأطلاق، فإنه يمنح الحسنات حتى على النوايا، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يروي عن ربه عز وجل قال “إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات، إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو همّ بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة” فإذا استطاع أحدنا أن يتعاهد قلبه بهذه الأشياء، فيصل معه إلى النقاء والانشراح.

 

فإنه سيكون بوصلة جوارح الجسد، يؤشر الصحيح فيرتاح له ويهش، ويؤشر الإثم والشر فيحيك فيه ويتضايق، فإن الله تعالى خلق الإنسان فسواه و عدله في أحسن تقويم و حمّله أمانة أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها “وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى