مقال

الرزاق ذو القوة المتين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرزاق ذو القوة المتين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 1 مايو 2024

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، أما بعد اعلموا أن الله تعالي هو الرزاق ذو القوة المتين، وأنه يرزق الطير في جوها، والنمل في جحرها، وأن الله لا يضيع عباده، فاتقوا الله في جميع أموركم، حتى يجعل الله لكم فرجا، ويرزقكم من حيثوا لا تحتسبوا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده” وإن ذكر الله هو سبب نزول الرحمة والسكينة، وحفّ الملائكة للذاكرين.

فقال صلى الله عليه وسلم “وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده” رواه مسلم، ومما يدلكم على أن مجالس الذكر تزيد الإيمان، ما أخرجه مسلم في صحيحه، عن حنظلة الأسيدي قال لقيني أبو بكر، فقال كيف أنت يا حنظلة؟ قال، قلت نافق حنظلة، قال سبحان الله ما تقول؟ قال قلت نكون عند رسول الله يذكرنا بالنار والجنة، حتى كأننا نراها، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عُدنا إلى أزواجنا وأولادنا ومعاشنا فنسينا كثيرا، قال أبو بكر الصديق فو الله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وما ذاك؟”

قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا نراهما بأعيننا، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده إنكم لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرُشكم وفي طرُقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة” وكان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على الجلوس للذكر ويسمونه إيمانا، فقد قال معاذ بن جبل رضي الله عنه لرجل “اجلس بنا نؤمن ساعة” وإن من فوائد الذكر أنه سبب لاشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش، فمن عوّد لسانه ذكر الله حفظه عن الباطل واللغو، ومن يبس لسانه عن ذكر الله تعالى ترطب بكل باطل ولغو وفحش، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومن فوائد ذكر الله تعالى أنه يوجب الضمان والأمان من نسيانه.

الذي هو سبب شقاء العبد في دنياه وأخراه، فإن من نسى الله سبحانه وتعالى نسي نفسه ومصالحها، كما قال تعالى “ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون” وإذا نسي العبد نفسه أعرض عن مصالحها ونسيها، واشتغل عنها، فهلكت وفسدت كمن له زرع أو بستان، فلم يصلحه، ولم يقم عليه وأهمله، ونسيه واشتغل عنه بغيره، فإنه يفسد ولا بد، ومن فوائد الذكر أيضا، أن جميع الأعمال إنما شُرعت لإقامة ذكر الله تعالى ومن أعظمها الصلاة، فقال تعالى “وأقم الصلاة لذكرى” أي لإقامة ذكري، وقال تعالى ” إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر” أي أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وما فيها من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر، ومن فوائد الذكر أن المداومة عليه.

ينوب عن كثير من الطاعات ويقوم مقامها، كما جاء ذلك صريحا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور أي الأغنياء بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل أموالهم يحجّون بها ويعتمرون ويجاهدون، فقال عليه الصلاة والسلام “ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا أحد يكون أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟” قالوا بلى يا رسول الله، قال “تسبّحون وتحمدون وتكبّرون خلف كل صلاة” رواه البخاري، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “لئن أسبّح الله تعالى تسبيحات أحبّ إليّ من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله تعالى”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى