مقال

أهمية حسن الخاتمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أهمية حسن الخاتمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ثم الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، نحمده سبحانه أحاط بكل شيء خبرا، ونحمده بأن جعل لكل شيء قدرا، وأسبغ علينا وعلى العالمين من حفظـه سترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين كافة عذرا ونذر، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد، إن الإنسان في هذه الدنيا يخلط بين الأعمال الصالحة والطالحة ولكن العبرة بالخواتيم ولأهمية الخواتيم عنون لها الإمام البخاري بابا في صحيحه فقال باب الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها، وذكر فيها حديثا لرجل قاتل في أرض المعركة وكانت رقاب الأعداء تتطاير تحت سيفه ومع ذلك ختم الله له بسوء ومات منتحرا لأنه جُرح ولم يصبر على الجرح فقتل نفسه.

وقد نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهمية حسن الخاتمة والحرص عليها، وقد يقول قائل كيف أموت على طاعة؟ والجواب في حكمة أبي حازم سلمة بن دينار، وهو كل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته خيرا فالزمه، وكل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته شرا فاجتنبه” أي إذا أردت أن تموت على طاعة فالزمها وإن كرهت الموت على معصية فاتركها، وإن الإنسان لو عاش على الطاعة وداوم عليها فإن الله الكريم يستحي أن يقبضه على معصية، وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى ” ولا تموتن إلا وانتم مسلمون” أي حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعياذا بالله من خلاف ذلك.

فالإنسان الذي يداوم على الطاعة وأصبحت سجية له يستعمله الله عز وجل في عمل الخير عند خاتمته بل ويعسله، وروي أن عامر بن عبد الله رجل من الصالحين، كان مؤذنا في أحد المساجد، وكان منزله قريبا من المسجد الذي كان يؤذن فيه، فمرض ذات يوم مرضا أقعده عن الصلاة أياما، فجاء إليه أصحابه لزيارته فسمع المؤذن يؤذن فقال لأصحابه خذوني إلى المسجد، فقالوا لقد أعذرك الله، فقال سبحان الله، أسمع النداء ولا أجيبه؟ فحملوه إلى المسجد فلما سجد كانت السجدة الأخيرة له ووقع فمات، فمات وهو ساجد، وقيل أن فضيلة الشيخ كشك رحمه الله عرضت عليه المناصب داخل مصر وخارجها فرفضها ودعا الله قائلا اللهم أحيني إماما وأمتني إماما واحشرني وأنا ساجد بين يديك يا رب العالمين ومات وهو ساجد وأمثلة من ماتوا ساجدين كثيرة وعديدة.

وهكذا فإن حسن الخاتمة غاية عمل لها العاملون، وتنافس فيها المتنافسون وسعى نحوها الصالحون، من فاز بها فهو أسعد السعداء، ومن حُجبت عنه فهو أشقى الأشقياء، وروي أنه احتضر رجل ممن كان يجالس شرب الخمور، فلما حضره نزع روحه أقبل عليه رجل ممن حوله وقال قل لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه، فردد عليه صاحبه يا فلان قل لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح لا اشرب أنت ثم اسقني، ثم ما زال يرددها حتى فاضت روحه، وهذا آخر قلبه معلق بالدنيا فقيل لما نزل بأحدهم الموت واشتد عليه الكرب اجتمع حوله أبناؤه يودّعونه ويقولون له قل لا إله إلا الله، فأخذ يشهق ويصيح، فأعادوها عليه، فصاح بهم وقال الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا، والبستان الفلاني ازرعوا فيه كذا، والدكان الفلاني اقبضوا منه كذا، ثم لم يزل يردد ذلك حتى مات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى