مقال

كراهية المفسدين للمصلحين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كراهية المفسدين للمصلحين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 12 مايو 2024

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلّ له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم أما بعد إن المفسدين مع إفسادهم يكرهون الناصحين، ويعيبون على غيرهم ما يعاب عليهم، وقد أصمهم الهوى والطغيان عن مجرد الالتفات للناصحين، فضلا عن سماع المخلصين، وربما بلغ بهم الأمر أن لبسوا الناصحين بالفساد والإفساد، ولكن الله عالم السر وأخفى، وعباد الله يميزون الخبيث من الطيب، والمجتمعات الواعية هي التي تقبل النصح، وفي تاريخنا، ولقد كان النهي عن الفساد وظيفة مهمة للرسل عليهم الصلاة والسلام فنبى الله صالح عليه السلام قال لقومه كما جاء فى سورة الأعراف ” فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مسرفين”

ونبى الله شعيب عليه السلام قال لقومه كما جاء فى سورة هود “ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” ونبى الله لوط عليه السلام قال لقومه كما جاء فى سورة العنكبوت “رب انصرنى على القوم المفسدين ” وهكذا حارب المرسلون الفساد، وهتكوا أستار المفسدين، وكان الناهون عن الفساد بقية من القرون يستحقون الإشادة والفضل، فقال الله تعالى فى سورة هود “فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم” وإن المفسدون لهم اللعنة ولهم سوء الدار، وأهل الفساد يزدادون عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون، ولا يستوي بحال أهل الإصلاح وأهل الإفساد، فقال الله تعالى فى سورة ص ” أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض”

وإن المنافقون غارقون في الفساد، مزيفون للحقائق، ليسوا أصحاب فساد فحسب، بل يلبّسون على الناس، ويظهرون باسم الإصلاح، فتتعدد صور الفساد، فهناك فساد في القيم، وآخر في الذمم، وهناك فساد فردي وجماعي، فساد على مستوى الكبار والصغار، وهناك فساد ظاهر وباطن، وهناك فساد ذكوري وأنثوي، وهكذا تتنوع صور الفساد، ومهما وضعت هيئات لمكافحة الفساد، أو وجدت رقابة على المفسدين، فيبقى حياة الضمائر، والخوف من الجليل، وكره الفساد والمفسدين، والجرأة في إنكار الفساد، ومحاصرة المفسدين، والوعي بحجم الفساد وأثر المفسدين هي الضمانات الأقوى لمحاربة هذا الداء العضال، وخنوس المفسدين، على أن أهل الإسلام يفترض أن يكونوا أقل البيئات لنمو الفساد، فلديهم من حرمات الشريعة، وتعظيم الشعائر، والأوامر والنواهي الربانية ما يطرد الفساد.

وويل للشعوب والأمم إذا حل الفساد بأهل العقائد والذمم، وويل لمن يؤتمن ثم يخون، وهنا يحق للمتعوذ أن يتعوذ من الفساد كما جاء فى سورة الممتحنة ” ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ” فعليكم بمقاومة نزغات الفساد في ذوات أنفسكم، ولا ترضوه من غيركم، وإن أي أمة أو شعوب يسري فيها الفساد فلا تستنكر، ليست خليقة بالبقاء، ولا مؤهلة للريادة، وبقدر ما ينتشر الفساد في المجتمعات فهذا مؤشر لكثرة المبطلين، وضعف الخيرين، وكلما رشدت المجتمعات واهتدت بنور السماء، تقلص حجم الفساد وتوارى المفسدون، وحين يحيط الفساد بالقدوات والنخب، فذلك مؤشر على عمق الفساد، واتساع دائرة المفسدين، ومزيد الحاجة للاستنفار للتغيير للأصلح، فإننا جميعا مسؤولون عن محاربة الفساد، ومقاومة المفسدين.

وإذا رأى الناس الظالم ثم لم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، هكذا ورد الأثر، ويشهد الواقع، ويوم أن يصاب الناس بالخذلان والأنانية، وحب الذات والجشع، مع ضعف في الإنكار، واستمراء للمنكر، فتلك مقومات للإصلاح، والله يحكم لا معقب لحكمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى