مقال

❤ هدية العيد ❤ بناء الشخصية العربية الحديثة

جريدة الأضواء

❤ هدية العيد ❤
بناء الشخصية العربية الحديثة
بقلمي – صبحي حجاب
علينا قبل أن نقرأ المستقبل ونستشرف ملامحه … وقبل أن نتوقع عدة مستقليات بديلة أو محتملة .. لابد أولا أن ننظر للانسان العربي وما ه عليه الأن .. نفسيا وعلميا .. وأهدافه .. وبنيته الثقافية … ووضع التصورات لبناء الانسانية العربية وفق تحديات مستقبليات مجهولة اعدادا صحيحا نفسيا وعلميا وحضاريا .. كي يكن قادرا علي الانصهار في المجتمع الانساني ويسريه بقيمه النبيلة وأخلاقياته السامية وعلمه المتحضر … بل ويمكنه أن يقود هذا المجتمع الانساني قيادة رشيدة وحكيمة ..
فبناء الانسان عملية استثمارية في الطاقات اللامتناهية … لإنتاج الخيرات العلمية والمعرفية والقدرة على حل المشكلات … وتحقيق التطور والرفاهية في الحياة ….. كما يمكن تعريفها بانها عملية بنـــاء العقول وصناعة الذكاء لانتاج المعرفة …. الثروة …. وبناء الحضارة بكل ابعادها …. و قد استخدمناه (علما انه مفهوما له علاقة بالميكانيك) بديلا عن مفهوم التربية قصد ربطه بمفهوم الجودة في الاعداد والتأهيل للانسان …. ذلك أن الصناعة عملية بسيطة وآلية تمتاز بالجمود وفق نموذج او مخطط معين مسبقا …
غير ان بناء اللانسان هي عملية ديناميكية …. معقدة ومتعددة الأبعاد … تسعى إلى برمجة وبناء لشخصية الإنسان من جميع النواحي الجسمية والعقلية والنفسية والروحية والاجتماعية …. والبناء هنا يعمل على تحويل الانسان من كائن بيولوجي الى كائن اجتماعي … ومن الهمجية إلى العقلانية … فالجميع يشتكي من: رداءة العلاقات… الاتصال … المعاملات العائلية والاجتماعية والمهنية والسياسية .. ـ رداءة الخدمات البنكية – تماطل وتعقيدات وبيروقراطية واختلاسات .. – رداءة الخدمات التجارية – تحايل وغش وخداع وتزوير – رداءة في المصنوعات المنتوجات الزراعية والفلاحية والصناعية …. رداءة في الطرقات والشوارع … ورداءة في بناء العمارات والسكنات وصيانتها ….. ورداءة التربية والتعليم والخدمات الإدارية … وفي كل المجالات الحياتية …. فسبب كل هذا هو الانسان لا محالة ….
لذلك طرحنا هذا الموضوع للتفكير والنقاش الجماعي لاثرائه ….. أما المقصود بالوعي هو يقظة العقل والضمير … والتي تجعل الفرد مدركا لمتطلبات حياته …. تحدياتها أبعادها ومستلزماتها … مما يدفعه الى تحمل مسؤولياته والانخراط ايجابا في عملية البناء والتطوير … والافادة لمجتمعه ولجميع البشرية ….. بينما التحضر … نقصد به المستوى الراقي من التفكير والتصرف لدى الانسان … اتجاه نفسه وغيره بأساليب غير همجية وغير بدائية .. تعزز قيمة وكرامة الانسان حيثما كان واينما وجد … بغض النظر عن انتمائه عرقها و ديانتها وقناعاته وايديولوجيتها أو جغرافيته … ويتضمن الاحترام .. اللباقة .. العمل الجدية .. الانضباط … التسامح .. الاجتهاد.التعاون .. التضامن .. وخدمة الآخرين ….. وغيرها …
ترتكز عملية الصناعة للانسان الواعي والمتحضر على المبادئ الآتية: أن الانسان هو المادة الاولية …. ان العملية تنشد جميع جوانب شخصيته الجسمية … العقلية .. النفسية … الروحية والاجتماعية …. وان هذه المسؤولية تتولاها جميع مؤسسات المجتمع/ الاسرة، المدرسة والجامعة … الاعلام دور العبادة … مؤسسات المجتمع المدني والمراكز الثقافية وغيرها …. وان متهمتها تكمن في تطوير الطاقات الكامنة في الانسان … بحيث يكون الانسان عنصرا فاعلا وايجابيا فيها … وتراعي فيه جميع الفروق الفردية ….
ومن اهم الاستراتيجيات التي نقترحها ما يأتي: 1ـ نفسيا: ، تحري الانسان من المخاوف والاوهام … ومن الجهل والاهمية … وكل الاحقاد … تنمية الاستقلالية لدى الفرد …الاعتماد على النفس .. تعزيز الثقة بالنفس … وتنمية روح التحدي … وتطوير الذكاء العاطفي. 2ـ عقليا: تنمية التفكير… تعليك التفكير النقدي … الابتكاري الابداعي … تنمية مهارات التواصل وأساليب الاقناع بالآفكار وليس بالعضلات …. تنمية ثقافة قبول الاخر وقبول الاختلاف والتنوع بين بني البشر … اجتماعيا: تعزير روح الانتماء … تعزيز ثقافة التعايش وفقا للمنطق الرباني … التعاون والتضامن والاحترام للآخر ..ـ روحيا: تحرير الانسان من الاعتقادات الخرافية … ومن التعصب وثقافة التكفير والشيطنة …
هذه بعض من الآفكار من مشروع كبير … معقد لطالما عمل عليه الكثير ممن سبقونا من مفكرين ومربين وعلماء … أردت طرح بعضا من الآفكار من زاوية غير مألوفة عليكم لمناقشتها واثرائها وتطويرها … للخروج بمشاريع عمل نتعاون عليها … لبناء الانسان المسلم في القرن الواحد والعشرين … وفق متطلبات وتحديات العصر الذي نعيش فيه ….
فإذا لم نخطط لمسقبلنا ولكيفية مواجهة الاخطار التي تتهدد مجتمعاتنا … سوف يخطط لنا غيرنا … ليوظفنا لخدمة اهدافه … فنبقى في دوامة التخلف تتجاذبنا الصراعات الوهمية والاحقاد القاتلة والجهل المقدس. … لنتعاون على تفكيك البنية النفسية الفكرية للانسان المسلم والعربي ….وتشخيص امراضها وعوراتها ثم ننطلق في إعادة ترميمها وبنائها على اسس صحيحة وسليمة … تحصن مجتمعاتنا من كل الاخطار الانحرافات والتهديدات …. وبذلك نكون او لانكون ….
أخيرا : ونحن بنبني الشخصية العربية الحديثة يجب أن نحافظ علي القيم النبيلة … والأخلاقيات الفاضلة … والمبادئ الدينية الصحيحة … وعدم الخلط بين تحرير العقل من المؤخرات العقائدية وبين تحرير الجسد من الثياب والتفاخر بالعري … بين قيم الحرية الاخلاقية .. وبين قيم الحرية غير الاخلاقية … بين قيم الحق والجمال والكرم وحسن الجوار … التعاون .. الايثار … وكل القيم النبيلة .. وبين قيم لا تعترف الا بالشخصنة وحقوقها الغرائيزية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى