اخبار عالميه

المرأة الفولاذية تصيب أمريكا بالأرق

 

كتب/السيد شحاتة

 

إذا كان كيم جونغ أون زعيم كوريا الشماليّة يُشَكِّل صُداعًا للولايات المتحدة الأمريكيّة بمواقفه المُتشدّدة، وتوسيع دائرة برامج بلاده النوويّة والصاروخيّة، فإنّ هذا الصّداع يتواضع أمام التّهديدات الخطيرة التي تُشكّلها شقيقته، ومُستشارته، وربّما خليفته، كيم يو جونغ، للوجود العسكري لها، أيّ الولايات المتحدة، في كوريا الجنوبيّة ومِنطقة جنوب شرق آسيا.

تصعيد التّوتّر بين كوريا الشماليّة والولايات المتحدة ارتفع منسوبه هذه الأيّام بعد الجولة التي بدأها أنتوني بلينكن وزير الخارجيّة الأمريكي وزميله لويد أوستن وزير الدفاع باليابان وبعدها كوريا الجنوبيّة، وتحدّث فيها إنّه سيُواصِل التّنسيق مع الحُلفاء لنزع الأسلحة النوويّة لكوريا الشماليّة، وعزّز هذه السّياسة بالمُناورات العسكريّة السنويّة الضّخمة مع كوريا الجنوبيّة، حيث يتواجد على أرضها 28 ألف جنديًّا أمريكيًّا، وهي المُناورات التي تعتبرها القِيادة الكوريّة الشماليّة ذروة الاستِفزاز وتحضيرًا للحرب.

المرأة “الفولاذيّة” كيم يو جونغ، وجّهت “نصيحةً” اليوم للإدارة الأمريكيّة الجديدة تقول “إذا كُنتم تُريدون النّوم مُطمئنين للسّنوات الأربع القادمة فإنّ عليكم عدم الإقدام على خطوات تجعلكم تُصابون بالأرق”، في إشارةٍ إلى المُناورات، ومُمارسة الضّغوط، وإطلاق التّهديدات ضدّ بيونغ يانغ، ولا نعتقد أنّ الولايات المتحدة ستستمع إليها.

كوريا الشماليّة لا يُمكن أن تتخلّى عن أسلحتها النوويّة وبرامجها الصاروخيّة التي أنتجت صواريخ عابرة للقارّات يُمكن أن تضرب العُمق الأمريكي، وتلاعب رئيسها كيم جونغ أون بالرئيس دونالد ترامب الذي التقاه مرّتين في لقائيّ قمّة الأوّل في سنغافورة عام 2018، والثاني هانوي في شباط (فبراير) عام 2019، ولم يحصل ترامب على أيّ تنازل، وغادَر الاجتماع الأخير غاضبًا مُستَقلًّا طائرته عائدًا إلى واشنطن دُون عقد مُؤتمر صحافي في رحلة طيران مُرهقة تستغرق 18 ساعة.

كوريا الشماليّة مِثل إيران تُصِر على رفض أيّ حِوار مع واشنطن قبل رفع جميع العُقوبات الاقتصاديّة المفروضة عليها، وقالت جين بسكاي المُتحدّثة باسم البيت الأبيض أمس للصّحافيين “حاولنا التّواصل مع كوريا الشماليّة عبر العديد من القنوات الدبلوماسيّة ولكنّنا لم نتلقّ أيّ رد”.

شقيقة الزعيم الكوري الشمالي التي باتت تتصدّر المشهد القِيادي في بلادها مُنذ مرض شقيقها قبل عام، وكشفت مواقفها الأخيرة تُجاه أمريكا بالذّات بأنّها أكثر صلابةً وتشدّدًا منه، خاصّةً بعد دُخول بلادها في تحالفٍ رباعيّ استراتيجيّ بزعامة الصين حليفها الأبرز، وروسيا وإيران في مُواجهة حلف مُضاد يضم الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبيّة، وهذا ما يُفَسِّر تهديدها غير المسبوق بإلغاء اتّفاق عسكري بين الكوريّتين، “إذا تصرّفت سيول بشَكلٍ أكثر استِفزازًا”.

من الصّعب علينا التّنبؤ بالتطوّرات المُتوقّعة في هذا الملف في ظِل ارتفاع حالة التّوتّر الحاليّة بين الصين والولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، وما تمخّضت عنه من تحالفاتٍ عسكريّة وسياسيّة، ولكن ما نعرفه أن الصين، التي باتت رسميًّا أقوى عسكريًّا من خصمها الأمريكي في ميدان التّسليح البحَري وستُصبِح الأقوى اقتصاديًّا في غُضون خمس سنوات، لا يُمكن أن تسمح للولايات المتحدة بنزع أسلحة كوريا الشماليّة النوويّة بالطّرق العسكريّة وِفقًا لتهديدات الإدارة الأمريكيّة الأخيرة.

إدارة بايدن التي جعلت من الصين عدوّها الاستراتيجي الأوّل تلعب بالنّار، وتسعى لنقل المُواجهة إلى جنوب شرق آسيا، بدءًا من إطلاق التّهديدات إلى كوريا الشماليّة التي تعتقد “مُخطئة” أنّها الحلقة الأضعف، لأنّ الثّمن قد يكون باهِظًا على الصّعد كافّة.

إدارة ترامب تعرّضت لأكبر “خديعة مُذلّة” على أيدي كيم جونغ أون زعيم كوريا الشماليّة، ولا نَستبعِد أن تُواجِه إدارة بايدن الديمقراطيّة التي حلّت مكانها إهانةً أكبر وأكثر إذلالًا على أيدي شقيقته كيم يو جونغ إذا أقدمت على أيّ أعمالٍ استفزازيّة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى