مقال

نفحات إيمانية و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ” الجزء الثامن

نفحات إيمانية و لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ” الجزء الثامن

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا، وقد نهى نبي الرحمة ورسول الرأفة صلى الله عليه وسلم، عن قتل أطفال الكفار، إذ لا ذنب لهم، ومنع قتل نسائهم إذ لا جرم لهم، وإن الإرهاب والإرعاب هو ما تفعله دول الكفر بمواطنيها، وما تقترفه من انتهاك لحقوق الإنسان في كل بلد إسلامي، واستهانة بالجسد البشري، والحق الإنساني، من قتل وذبح وتمثيل وتقطيع وتشويه واغتصاب وتعذيب وأذية، ووالله لا ينكر ذلك حتى الكفار أنفسهم، وإنه أمر تدمع له المقل وتموت له قلوب العقل، كل ذلك حقدا دفينا على الإسلام وأهله، ألا وإن ما ينادي له الغرب الكافر من تحرر من قيود الشريعة الإسلامية، أو ما يسمونه بالحرية الديمقراطية، كنبذ الحجاب وخلع الجلباب وقتل الحياء وزرع البذاء، وخروج المرأة كاسية عارية، ودعوة إلى الدعارة وشرب الخمور، لتموج الأمور، وتغيير المناهج وانتشار الفضائيات، ومشاهدة مناظر المجون والرقص، وترهات الغناء والمسلسلات الفاضحة، والبرامج الفاسدة. 

 

لهو ضربة قاسية في عقر دار المسلمين وكل ذلك لإبعاد الناس عن دينهم، حتى تصبح الحرية العامة المطلقة هي شعار سكان الكرة الأرضية فإن حصل ذلك، ولن يحصل بحول الله وقوته، فهناك سيغضب الله على أهل الأرض كلهم، ويمقتهم جميعهم، وينزل بأسه بهم، وعقوبته عليهم، فوالله ليس بينهم وبين الله واسطة ولا رحم، إلا الخوف منه سبحانه، وتقواه ظاهرا وباطنا، واسمعوا قول الله عز وجل لما عذب قوم لوط على فعلتهم الشنيعة، وأنزل بهم عقوبة رادعة فظيعة، فقال سبحانه وتعالى ” مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد” وقال سبحانه وتعالى ” وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد ” فعلى جميع المسلمين أن يعودوا إلى دينهم، وينفضوا عن رؤوسهم غبار تقليد الكفار، واتباع الفجار، فذلك طريق الفلاح والفوز برضى الله عز وجل، ولقد بشر نبى الله عيسى بن مريم عليه السلام ومن قبله من الأنبياء والرسل، بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، في كتبهم وصحفهم.

 

وبشر به بحيرى راهب من أهل الكتاب، لديه خبر التوراة والإنجيل، وعلم من التأويل والتنزيل، فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الثانية عشرة من عمره يفقده، ويتخلله وتأمله، فقال لأبي طالب وأكابر قريش ” هذا سيد العالمين هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين ” قالوا وما علمك بذلك ؟ قال إني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه، ‏وإنا نجده في كتبنا، وهكذا عرف علماء اليهود والنصارى، أن محمد بن عبد الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين وآخر المرسلين، فلما أرسله ربه عربيا هاشميا، ولم يكن من جنس اليهود والنصارى، كذبوه وكادوا له العداء، وإن من المعلوم عند جميع المسلمين قاطبة أن النبوة تفضل واختيار من الله تعالى، فهي ليست كسبا يناله العبد بالجد والاجتهاد، وتكلف أنواع العبادات والطاعات، فقال الله تعالى ” الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس” فالنبوة والرسالة اصطفاء من الله تعالى حسب حكمته سبحانه وعلمه بمن يصلح لها.

 

كما أن من المعلوم أن الرسل وإن كانوا مفضلين على غيرهم إلا أنهم يتفاضلون فيما بينهم كما قال تعالى “تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات” وأفضل الرسل أولو العزم وهم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأفضل أولي العزم الخليلان إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام وأفضل الخليلين محمد صلى الله عليه وسلم، وإن الحديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حديث ممتع شيّق لا تمل النفوس المؤمنة من سماعه وتنجذب له الأرواح، فما تعبّد المتعبدون بأفضل من معرفة محمد صلى الله عليه وسلم وتعلم ما جاء به من الوحي المبين والسنة المطهرة ، فإن هذا من توقيره ونصرته ومحبته صلى الله عليه وسلم، فقال ابن القيّم رحمه الله وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدى النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به.

 

ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فقال تعالى ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” فالشريعة كلها مبنيّة على الرحمة في أصولها وفروعها ومحمد صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالناس بل تعدت رحمته الناس إلى الحيوانات، ولا ينكر جانب الرحمة في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم إلا جاهل معلوم الجهل أو حاقد مكابر يزعحه ويقلقه انتشار دين محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض شرقا وغربا، وإن المتأمل في الآية السابقة يلحظ أن الله تعالى وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه رحمة للعالمين فلم يقل رحمة للمؤمنين، مما يدل على أن إرساله رحمة لغير المسلمين أيضا فكيف يكون ذلك ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يُبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف، وأما رحمته بالمؤمنين صلى الله عليه وسلم فأكثر من أن تحصر فقد فطر الله في قلبه الرحمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى