مقال

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء التاسع

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء التاسع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع سيف الله المسلول، وقد توقفنا عندما بلغ القائد خالد بن الوليد أن الروم قد حشدوا جيشا آخر يشرف على مائتى وأربعون ألف جندي في اليرموك، فتوجهت جيوش المسلمين إليهم، وأظهر خالد بن الوليد أحد تكتيكاته الجديدة، فقسم جيشه فرقا كل منها ألف رجل، وجعل على ميمنته عمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة يزيد بن أبي سفيان، وعلى القلب أبا عبيدة، وجعل على رأس كل فرقة بطلا من أبطال المسلمين أمثال القعقاع وعكرمة وصفوان بن أمية ثم رسم خالد خطة لاستدراج الروم بعيدا عن مواقعهم التي حفروا أمامها الخنادق فكلف عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي الهجوم بفرقتيهما فجرا حتى يبلغا خنادق الروم وبعد ذلك يتظاهران بالانهزام ويتقهقران، ونفذ القائدان المهمة بنجاح.

 

فلما رآهم الروم يتراجعون، هاجموهم، وأظهر المسلمون بسالة في القتال الذي استمر إلى الغروب، وأخيرا تمكن المسلمون من الفصل بين فرسان الروم ومشاتهم، فأمر خالد بن الوليد بمحاصرة الفرسان، فلما ضاق فرسان الروم بالقتال وأصابهم التعب، فتح المسلمون أمامهم ثغرة أغرتهم بالخروج منها طالبين النجاة، تاركين المشاة لمصيرهم، اقتحم المسلمون عليهم الخنادق، وقتلوا منهم ألوفا، وكان انتصار اليرموك بداية نهاية سيطرة الروم على الشام، وتفرقت الجيوش بعد ذلك، فتوجه كل إلى وجهته التي كان أبو بكر قد وجهه إليها، فتوجه خالد بن الوليد مع أبي عبيدة إلى دمشق ففتحوها بعد حاصروها وصالحوا أهلها على الجزية، وبينما هم هناك إذ أقبل رسول يحمل خبر وفاة أبي بكر وتولي عمر بن الخطاب الخلافة.

 

ومعه كتاب إلى أبي عبيدة يوليه إمارة الجيش ويعزل خالدا، إلا أنه ظل تحت قيادة أبي عبيدة، كأحد قادته، وبعد أن إطمأن أبو عبيدة إلى مقام المسلمين، تقدم بقواته ومعه خالد بن الوليد إلى فحل، وقد كان قد أرسل بعض جنده لحصارها خلال محاصرته لدمشق، فهزم حاميتها ومن لجأ إليهم من جند الروم الفارين من أجنادين، وقد أظهر خالد بن الوليد وضرار بن الأزور يوم فحل بطولات ذكرها لهم المؤرخون، وكتب الخليفة الراشد عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح يأمره بفتح حمص، وانتهز هرقل قيصر الروم انشغال المسلمين في فحل، فأرسل جيشا بقيادة توذر،أو يقال تيودوروس، لاستعادة دمشق، وبينما كان جيش المسلمين في طريقهم إلى حمص، التقى الجيش البيزنطي في منتصف الطريق في مرج الروم، خلال الليل.

 

أرسل توذر نصف جيشه إلى دمشق لشن هجوم مفاجئ على حامية المسلمين، وفي الصباح، وجد المسلمون أن جيش الروم قد قلّ عدده، فتوقع خالد بن الوليد أن يكون الروم قد وجهوا جزءا من جيشهم لمهاجمة دمشق، واستأذن خالد أبا عبيدة، وانطلق في فرقة من الفرسان ليدرك جيش الروم المتوجّه لدمشق، واستطاع خالد أن يهزم هذا الجيش الرومي بعدما حُصر الروم بين قوات خالد وحامية المدينة، وعاد خالد بن الوليد لينضم لقوات أبي عبيدة، وحاصر معه حمص إلى أن سلم أهلها طالبين الصلح، فصالحهم أبو عبيدة على شروط وخراج صلح دمشق، ثم سلمت حماة واللاذقية وعلى نفس الشروط، وقد واجه عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة صعوبات في مواجهة الروم في فلسطين وجنوب الشام، لذا أرسلا إلى عمر بن الخطاب.

 

فأمر أبا عبيدة وخالد بن الوليد بالتوجه إليهم للدعم، واستطاعت قوات المسلمين تطهير البلاد ثم توجهوا إلى القدس آخر المعاقل البيزنطية في جنوب الشام، التي فرّ إليها العديد من الناجين من معركة اليرموك، وحاصروها، ولم تقبل المدينة بالتسليم، إلا للخليفة شخصيا، وبعد القدس، توجه جيش أبو عبيدة وخالد، لاستكمال فتح شمال الشام، وقد وجه أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى قنسرين المدينة منيعة الحصون، فوجد بها جيشا روميا عظيما، فقاتلهم خالد بن الوليد وهزمهم في معركة قنسرين، وفرّت الفلول لتتحصن بالمدينة طالبين الصلح كصلح حمص، إلا أن خالد بن الوليد رفض ورأى أن يعاقبهم لمقاومتهم للمسلمين، وقد لحق جيش أبوعبيدة بن الجراح بقوات خالد بن الوليد في قنسرين بعد فتحها ليتابعا زحفهما إلى حلب، حيث استطاعا فتحها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى